للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إباحة الحليّ للنساء، والإجماع منعقد عليه، والأخبار فيه لا تُحصى (١).

(ومنها): ما أخرجه أبو داود، بإسناد صحيح (٢)، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: قَدِمت عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حلية منْ عند النجاشيّ، أهداها له، فيها خاتم منْ ذهب، فيه فصّ حبشيّ، قالت: فأخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعود مُعرضًا -أو ببعض أصابعه- ثم دعا أمامة بنت أبي العاص ابنة ابنته زينب، فَقَالَ: "تَحَلَّي بهذا يا بُنيّة". وأعلّه بعضهم بأن ابن إسحاق مدلّس، ورُدّ بأنه صرح فِي "سنن أبي داود" بالتحديث، فزالت تهمة تدليسه.

(ومنها): حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعًا: "أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحُرّم عَلَى ذكورها"، وهو حديث صحيح، سيأتي للمصنّف فِي الباب التالي بألفاظ.

(ومنها): حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، مرفوعًا: "ولتلبس بعد ذلك ما أحبت منْ معصفر، أو حذاء، أو حلي، أو سراويل، أو قميص، أو خف"، فعم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها جميع الحلي، ولم يخصّ نوعًا دون نوع، كما سبق تقريره فِي كلام ابن حزم المتقدّم.

(ومنها): أحاديث زكاة الحليّ التي تقدّمت فِي "كتاب الزكاة". وبالجملة فأحاديث الإباحة كثيرة.

وَقَدْ ذهب الشيخ الألباني إلى تحريم الذهب المحلّق عَلَى النِّساء، وكتب فِي ذلك بحثًا مطولاً فِي كتابه "آداب الزفاف"، وتمسّك بأحاديث:

(منها): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- السابق، مرفوعًا: "منْ أحبّ أن يُحلّق حبيبه بحلقة منْ نار، فليُحلّقه حلقة منْ ذهب … " الْحَدِيث، وهذا فِي سنده أسيد بن أبي أُسيد، لم يوثّقه أحد منْ المتقدّمين المعتبرين، وغاية ما نقل عنهم قول الدارقطنيّ: يُعتبر به، وذكره ابن حبّان فِي "الثقات"، وعلى فرض صحّته، فليس دليلاً لتحريم الذهب عَلَى النِّساء؛ لأن حبيياً فعيل بمعنى مفعول، والقاعدة أن فعيلاً بمعنى مفعول إذا استُعمل استعمال الأسماء، أي بأن لم يتبع موصوفه لحقته التاء للمؤنّث، نحو هذه ذبيحة، ونطيحة، وأكلية: أي مذبوحة الخ، وإذا لم يُستعمل استعمال الأسماء، كما هنا لم تلحقه التاء إلا نادراً، فيقال: مررت بامرأة جريح، أي مجروحة، فـ"حبيبه" هنا للذكر، بمعنى محبوبه؛ إذ لو كَانَ المراد به المؤنّث لقيل: "حبيبته"، فلا يُطلق "حبيب" فِي هَذَا الْحَدِيث إلا عَلَى الذكر، ولا ينبغي حمل الْحَدِيث عَلَى النادر، راجع ما كتبه شُرّاح "خلاصة ابن مالك" رحمه الله تعالى عند قوله:


(١) راجع "تفسير القرطبيّ" ١٦/ ٧١.
(٢) رقم الْحَدِيث (٣٦٩٧).