(وَالْحَرِيرُ لإِنَاثِ أُمَّتِي) بكسر الهمزة (وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا) هَذَا بعمومه يشمل الصبيان أيضًا، لكنهم حيث لم يكونوا منْ أهل التكليف حرم عَلَى منْ ألبسهم.
قَالَ الشوكانيّ رحمه الله تعالى: والحديث دليلٌ للجماهير القائلين بتحريم الحرير، والذهب عَلَى الرجال، وتحليلهما للنساء. انتهى "نيل" ٢/ ١٦٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي مولى الأشعريّ -رضي الله عنه- هَذَا صحيح.
[تنبيه]: الْحَدِيث وإن قَالَ فيه الترمذيّ: حسنٌ صحيحٌ، إلا أن فيه انقطاعًا؛ لأن سعيد بن أبي هند لم يسمع منْ أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- شيئًا، كما قاله الدارقطنيّ، وتبعه الحافظ فِي "الدراية" ص ٣٢٨، وغيره، ويؤيّد ذلك أن كثيرًا منْ الرواة عن نافع أدخلوا فِي إسناده بين سعيد وأبي موسى رجلاً، وصفه بعضهم بأنه منْ أهل البصرة، كذلك رواه معمر، عن أيوب، وعبد الله بن عمر العمريّ، كلاهما عن نافع به، أخرجه أحمد فِي "مسنده" ٤/ ٣٩٢ - ٣٩٣، ورواه الجرجانيّ فِي "تاريخ جرجان" عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب به. وَقَدْ تابعه عبد الله بن سعيد بن أبي هند، فَقَالَ:"عن أبيه، عن رجل، عن أبي موسى" أخرجه أحمد أيضاً، وكذا الطحاويّ ٢/ ٣٤٦. وعبد الله ابن سعيد ثقة محتجّ به فِي "الصحيحين"، وهو أعرف بحديث أبيه منْ غيره، ولم يُختلف عليه فِي إسناده، كما اختُلف عَلَى نافع، فتكون روايته أرجح، فيكون الإسناد عن رجل مجهول.
لكن الْحَدِيث له شواهد، يصحّ بها، فقد روي عن جماعة آخرين منْ الصحابة، منهم: عليّ، وعمر بن الخطّاب، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس، وعقبة بن عامر، وزيد بن أرقم -رضي الله عنهم-.
فأما حديث عليّ -رضي الله عنه-، فهو حديثٌ صحيح، وَقَدْ تقدّم قبل هَذَا الْحَدِيث.
وأما حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-، فأخرجه الطحاويّ ٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦ والبيهقي ٢/ ٢٧٥ - ٢٧٥ وفيه هشام بن أبي رقبة، رَوَى عنه ثقتان، ووثّقه ابن حبّان، وَقَالَ الحافظ: إسناد حسن.
وأما حديث ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما، فأخرجه ابن ماجه (٣٥٩٧) والطحاويّ فِي "شرح معاني الآثار" ٢/ ٣٤٥ وفي إسناده عبد الرحمن ين زياد بن أنعم الإفريقي، وشيخه عبد الرحمن بن رافع التنوخيّ، وكلاهما ضعيفان.