فألبسنيه، فَقَالَ: البَسْ ما كساك الله ورسوله، قَالَ الحازمي: إسناده ليس بذاك، ولو صح فهو منسوخ.
قَالَ الحافظ: لو ثبت النسخ عند البراء ما لبسه بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ رُوي حديثُ النهي المتفق عَلَى صحته عنه، فالجمع بين روايته وفعله، إما بأن يكون حمله عَلَى التنزيه، أو فهم الخصوصية له منْ قوله:"البَسْ ما كساك الله ورسوله"، وهذا أولى منْ قول الحازمي: لعل البراء لم يبلغه النهي، ويؤيد الاحتمال الثاني أنه وقع فِي رواية أحمد، كَانَ النَّاس يقولون للبراء: لم تتختم بالذهب، وَقَدْ نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فيذكر لهم هَذَا الْحَدِيث، ثم يقول: كيف تأمرونني أن أضع ما قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "البَسْ ما كساك الله ورسوله".
ومن أدلة النهي أيضًا ما رواه يونس، عن الزهريّ، عن أبي إدريس، عن رجل له صحبة، قَالَ: جلس رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي يده خاتم منْ ذهب، فقرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يده بقضيب، فَقَالَ:"أَلْقِ هَذَا"، وعموم الأحاديث التي فيها تحريم لبس الذهب، كقوله -صلى الله عليه وسلم- فِي الذهب والحرير:"هذان حرامان عَلَى رجال أمتي، حِلّ لإناثها"، وحديث عبد الله بن عمرو رفعه:"منْ مات منْ أمتي، وهو يلبس الذهب حرم الله عليه ذهب الجنة … " الْحَدِيث، أخرجه أحمد، والطبراني.
واستُدل به عَلَى تحريم الذهب عَلَى الرجال قليله وكثيره؛ للنهي عن التختم، وهو قليل، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن التحريم يتناول ما هو فِي قدر الخاتم، وما فوقه، كالدملج، والمعضد، وغيرهما، فأما ما هو دونه فلا دلالة منْ الْحَدِيث عليه.
وتَنَاوَلَ النهي جميع الأحوال، فلا يجوز لبس خاتم الذهب لمن فاجأه الحرب؛ لأنه لا تعلق له بالحرب، بخلاف ما جاء فِي الحرير منْ الرخصة فِي لبسه بسبب الحرب، وبخلاف ما عَلَى السيف، أو الترس، أو المنطقة منْ حلية الذهب، فإنه لو فجأه الحرب جاز له الضرب بذلك السيف، فإذا انقضت الحرب فلينتقض؛ لأنه كله منْ متعلقات الحرب، بخلاف الخاتم. أفاده فِي "الفتح" ١١/ ٥٠٢ - ٥٠٣. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"يوسف بن حمّاد الْمَعْنيّ البصريّ": هو أبو يعقوب، ثقة [١٠]. و"المعني" بفتح الميم، وسكون الهملة، ثم نون-: نسبة إلى معن بطنٌ منْ