وجمع بعضهم بأنه لبس الخاتم أولا فِي يمينه، ثم حوّله فِي يساره، واستدل بما أخرجه أبو الشيخ، وابن عدي، عن ابن عمر: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تختم فِي يمينه، ثم إنه حوله فِي يساره، قَالَ الحافظ: لو صح هَذَا لكان قاطعا للنزاع، ولكن سنده ضعيف.
وجمع البيهقي بأن الذي لبسه فِي يمينه، هو خاتم الذهب، والذي فِي يساره هو خاتم الفضّة. قَالَ النوويّ: أجمعوا عَلَى جواز التختم فِي اليمين واليسار، واختلفوا فِي أيتهما أفضل؟ واستحب مالك اليسار، وكره اليمين، قَالَ: والصحيح فِي مذهبنا أن اليمين أفضل.
ورجح بعضهم التختم فِي اليمين، وعلل بأنه زينة، واليمين أحق بالزينة والإكرام، وبأن اليسار آلة الاستنجاء، فيصان الخاتم إذا كَانَ فِي اليمين عن أن تصيبه النجاسة.
وَقَالَ المنذري عند شرح حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما الذي أخرجه أبو داود منْ طريق يونس بن بُكير، عن محمد بن إسحاق، قَالَ: رأيت عَلَى الصلت بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطّلب خاتماً فِي خنصره اليمنى، فقلت: ما هَذَا؟ قَالَ: رأيت ابن عبّاس يلبس خاتمه هكذا، وجعل فصّه عَلَى ظهرها، قَالَ: ولا يخال ابن عبّاس إلا قد كَانَ يذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يلبس خاتمه كذلك.
قَالَ المنذري: وأخرجه الترمذيّ، وَقَالَ: قَالَ محمد بن إسماعيل -يعني البخاريّ- حديث محمد بن إسحاق، عن الصلت بن عبد الله بن نوفل، حديث حسن. وأخرج مسلم فِي "صحيحه" منْ حديث ثابت، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ:"كَانَ خاتم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي هذه، وأشار إلى الخنصر منْ يده اليسرى"، وأخرجه النسائيّ بنحوه. وأخرج النسائيّ أيضًا منْ حديث قتادة، عن أنس، قَالَ:"كأني أنظر إلى بياض خاتم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي إصبعه اليسرى"، ورجال إسناده محتج بهم فِي "الصحيح"، وأخرج الترمذيّ منْ حديث أبي جعفر بن محمد، عن أبيه، قَالَ:"كَانَ الحسن والحسين يتختمان فِي يسارهما"، وَقَالَ: هَذَا صحيح. وأخرجه مسلم أيضًا فِي "صحيحه" منْ حديث يونس، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لبس خاتم فضة فِي يمينه، فيه فصّ حبشي، كَانَ يجعل فصه مما يلي كفه"، قَالَ الدارقطنيّ: وهذا حديث محفوظ عن يونس، حدث به الليث، وابن وهب، وعثمان بن عمر، وغيرهم عنه، ولم يذكروا فيه:"فِي يمينه"، والليث، وابن وهب أحفظ منْ سليمان -يعني ابن بلال- ومن طلحة بن يحيى، ومع ذلك فالراوي له عن سليمان إسماعيل -يعني ابن أبي أويس- وهو ضعيف، رماه النسائيّ بأمر قبيح، حكاه عن سلمة عنه، فلا يحتج براويته إذا انفرد، عن سليمان، ولا عن غيره، وأما طلحة بن يحيى