يرويه مستقيم. هَذَا آخر كلامه. وإذا كَانَ حال همّام كذلك، فيترجّح ما قاله الترمذيّ، وتفرّده به لا يوهن الْحَدِيث، وإنما يكون غريبًا، كما قَالَ الترمذيّ. والله عز وجل أعلم. انتهى كلام المنذريّ "مختصر السنن" ١/ ٢٦.
وَقَالَ فِي "عون المعبود" ١/ ٢١ - ٢٣: وَقَالَ السخاويّ فِي "فتح المغيث": وكذا قَالَ النسائيّ: إنه غير محفوظ. انتهى. وهمام ثقة، احتج به أهل الصحيح، ولكنه خالف النَّاس، ولم يوافَق أبو داود عَلَى الحكم عليه بالنكارة، فقد قَالَ موسى بن هارون: لا أدفع أن يكونا حديثين، ومال إليه ابن حبّان، فصححهما معا، ويشهد له أن ابن سعد أخرج بهذا السند، أن أنسا نقش فِي خاتمه محمد رسول الله، قَالَ: فكان إذا أراد الخلاء وضعه، لاسيما وهمام لم ينفرد به، بل تابعه عليه يحيى بن المتوكل، عن ابن جريج، وصححه الحاكم عَلَى شرط الشيخين، ولكنه متعقب، فإنهما لم يخرجا لكل منهما عَلَى انفراده، وقول الترمذيّ: إنه حسن صحيح غريب فيه نظر، وبالجملة فقد قَالَ شيخنا -يعني الحافظ ابن حجر-: إنه لا علة له عندي إلا تدليس ابن جريج، فإن وجد عنه التصريح بالسماع، فلا مانع منْ الحكم بصحته فِي نقدي. انتهى. وَقَدْ رَوَى ابن عدي: حدثنا محمد بن سعد الحراني، حدثنا عبد الله بن محمد بن عيشون، حدثنا أبو قتادة، عن ابن جريج، عن ابن عقيل -يعني عبد الله بن محمد بن عقيل- عن عبد الله بن جعفر، قَالَ:"كَانَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يلبس خاتمه فِي يمينه"، وَقَالَ:"كَانَ ينزع خاتمه إذا أراد الجنابة"، ولكن أبو قتادة، وهو عبد الله بن واقد الحراني، مع كونه صدوقا، كَانَ يخطيء، ولذا أطلق غير واحد تضعيفه، وَقَالَ البخاريّ: منكر الْحَدِيث تركوه، بل قَالَ أحمد: أظنه كَانَ يدلس، وأورده شيخنا فِي "المدلسين"، وَقَالَ: إنه متَّفقٌ عَلَى ضعفه، ووصفه أحمد بالتدليس. انتهى، فروايته لا تُعلي رواية همام. انتهى.
وَقَالَ السيوطي فِي "مرقاة الصعود": أخرجه البيهقي، منْ طريق يحيى بن المتوكل البصريّ، عن ابن جريج، عن الزهريّ، عن أنس:"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لبس خاتما، نقشه محمد رسول الله، فكان إذا دخل الخلاء وضعه"، وَقَالَ: وهذا شاهد ضعيف.
وَقَالَ الحافظ بن حجر: وَقَدْ نوزع أبو داود فِي حكمه عَلَى هَذَا الْحَدِيث بالنكارة، مع أن رجاله رجال الصحيح.
والجواب أنه حكم بذلك؛ لأن هماما انفرد به، عن ابن جريج، وهمام وإن كَانَ منْ رجال الصحيح، فإن الشيخين لم يخرجا منْ رواية همام، عن ابن جريج شيئا؛ لأنه لما أخذ عنه كَانَ بالبصرة، والذين سمعوا منْ ابن جريج بالبصرة، فِي حديثهم خلل منْ قبله، والخلل فِي هَذَا الْحَدِيث منْ قبل ابن جريج، دلسه عن الزهريّ، بإسقاط