الواسطة، وهو زياد بن سعد، ووهم همام فِي لفظه، عَلَى ما جزم به أبو داود وغيره، وهذا وجه حكمه عليه بكونه منكرا، قَالَ: وحُكمُ النسائيّ عليه بكونه غير محفوظ أصوب، فإنه شاذ فِي الحقيقة، إذ المنفرد به منْ شرط الصحيح، لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذًّا، قَالَ: وأما متابعة يحيى بن المتوكل له، عن ابن جريج، فقد تفيد، لكن يحيى بن معين قَالَ فيه: لا أعرفه، أي إنه مجهول العدالة، وذكره ابن حبّان فِي "الثقات"، وَقَالَ: كَانَ يخطيء، قَالَ: عَلَى أن للنظر مجالاً فِي تصحيح حديث همام؛ لأنه مبني عَلَى أن أصله حديث الزهريّ عن أنس، فِي اتخاذ الخاتم، ولا مانع أن يكون هَذَا متنًا آخر، غير ذلك المتن، وَقَدْ مال إلى ذلك ابن حبّان، فصححهما جميعا، ولا علة له عندي إلا تدليس ابن جريج، فإن وجد عنه التصريح بالسماع، فلا مانع منْ الحكم بصحته. انتهى كلام الحافظ فِي "نكته عَلَى ابن الصلاح". انتهى.
وَقَالَ الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى -بعد قول الحافظ المنذريّ:"وإنما يكون غريبًا كما قَالَ الترمذيّ الخ: ما نصّه: قلت: هَذَا الْحَدِيث رواه همّام، وهو ثقة، عن ابن جريج، عن الزهريّ، عن أنس. قَالَ الدارقطنيّ فِي "كتاب العلل": رواه سعيد بن عامر، وهُدْبة بن خالد، عن همّام، عن ابن جُريج، عن الزهريّ، عن أنس: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وخالفهم عمرو بن عاصم، فرواه عن هَمّام، عن ابن جريج، عن الزهريّ، عن أنس: "أنه كَانَ إذا دخل الخلاء"، موقوفًا، ولم يتابع عليه. ورواه يحيى بن المتوكّل، ويحيى بن الضريس، عن ابن جريج، عن الزهريّ، عن أنس، نحو قول سعيد بن عامر، ومن تابعه عن همّام. ورواه عبد الله بن الحارث المخزوميّ، وأبو عاصم، وهشام بن سُليمان، وموسى بن طارق، عن ابن جُريج، عن زياد بن سعد، عن الزهريّ، عن أنس: "أنه رأى فِي يد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خاتمًا منْ ذهب، فاضطرب النَّاس الخواتيم، فرمى به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَالَ: لا ألبسه أبدًا". وهذا هو المحفوظ، والصحيح، عن ابن جُريج. انتهى كلام الدارقطنيّ.
وحديث يحيى بن المتوكّل الذي أشار إليه، رواه البيهقيّ منْ حديث يحيى بن المتوكّل، عن ابن جُريج به، ثم قَالَ: هَذَا شاهد ضعيف، وإنما ضعّفه لأن يحيى هَذَا قَالَ فيه الإمام أحمد: واهي الْحَدِيث. وَقَالَ ابن معين: ليس بشيء، وضعّفه الجماعة كلهم.
وأما حديث يحيى بن الضريس، فيحيى هَذَا ثقة، فيُنظر الإسناد إليه، وهمّام، وإن كَانَ ثقة صدوقاً احتجّ به الشيخان فِي الصحيح، فإن يحيى بن سعيد كَانَ لا يُحدّث عنه، ولا يرضى حفظه. قَالَ أحمد: ما رأيت يحيى أسوأ رأياً منه فِي حجاج -يعني أرطاة-