همام، عن ابن جريج، عن الزهريّ، كما ذكره الترمذيّ، وصححه، وإذا كانت هذه الروايات كلّها عند الزهريّ، فالظاهر أنه حدّث بها فِي أوقات، فما الموجب لتغليط همّام وحده؟.
[قيل]: هذه الروايات كلّها تدلّ عَلَى غلط همام، فإنها مجمعة عَلَى أن الْحَدِيث إنما هو فِي اتخاذ الخاتم، ولبسه، وليس فِي شيء منها نزعه إذا دخل الخلاء، فهذا هو الذي حكم لأجله هؤلاء الحفّاظ بنكارة الْحَدِيث، وشذوذه، والمصحّح له لما لم يمكنه دفع هذه العلة حكم بغرابته لأجلها، فلو لم يكن مخالفًا لرواية منْ ذكرنا، فما وجه غرابته؟ ولعلّ الترمذيّ موافقٌ للجماعة، فإنه صحّحه منْ جهة السند لثقة الرواة، واستغربه لهذه العلّة، وهي التي منعت أبا داود منْ تصحيح متنه، فلا يكون بينهما اختلاف، بل هو صحيح السند، لكنه معلول. والله أعلم. انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "صحيح السند" فيه نظر؛ إذ فيه عنعنة ابن جريج، وهو مدلّس، فلا يكون السند صحيحًا، بل هو رجاله ثقات، فتبّه.
والحاصل أن الْحَدِيث برواية همّام غير صحيح؛ لما سمعته منْ العلّة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان استحباب نزع الخاتم عند دخول الخلاء، وَقَدْ عرفت أن الْحَدِيث ضعيف، قَالَ فِي "المنهل العذب المورود": دلّ الْحَدِيث عَلَى أنه يُندب لمن يريد التبرّز أن يُنحّي عنه كلّ ما عليه معظّم منْ اسم الله تعالى، أو اسم نبيّ، أو ملك، وبهذا قالت الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة، فإن خالف كره له ذلك، إلا لحاجة، كَأن يخاف عليه الضياع، وهذا فِي غير القرآن، أما فِي القرآن، فقالوا يحرُم استصحابه فِي تلك الحالة كلاً أو بعضاً، إلا إن خيف عليه الضياع، أو كَانَ حرزاً، فله استصحابه، ويجب ستره حينئذ، إن أمكن. انتهى. (ومنها): مشروعيّة اتخاذ الخاتم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.