وتعقّبه الحافظ، فَقَالَ: لو كَانَ هَذَا هو السبب فِي ذلك، لكان منْ خصائصه، وليس كذلك، فإن أنسا -رضي الله عنه- اقتدى به فِي ذلك، وَقَدْ ورد النهي عن رده مقرونا ببيان الحكمة فِي ذلك فِي حديث صحيح، رواه أبو داود، والنسائي -يعني الْحَدِيث الآتي بعد هَذَا- وأبو عوانة، منْ طريق عبيد الله بن أبي جعفر، عن الأعرج، عن أبي هريرة، مرفوعا:"منْ عُرض عليه طيب، فلا يرده، فإنه خفيف المحمل، طيب الرائحة". قاله فِي "الفتح" فِي "كتاب الهبة" ٥/ ٥٢٤ - ٥٢٥ و"كتاب اللباس" ١١/ ٥٦٦ - ٥٦٧. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه هَذَا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٧٤/ ٥٢٦٠ - وفي "الكبرى" ٤٠/ ٩٤١٠ وأخرجه (خ) فِي "الهبة" ٢٥٨٢ و"اللباس" ٥٩٢٩.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم الطيب، وهو استحباب قبوله، وعدم ردّه، وَقَدْ ترجم الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "كتاب الهبة" منْ "صحيحه" بقوله: "باب ما لا يرد منْ الهدية"، قَالَ فِي "الفتح" ٥/ ٥٢٤: كأنه أشار إلى ما رواه الترمذيّ، منْ حديث ابن عمر، مرفوعا:"ثلاث لا تُرَدُّ: الوسائد، والدهن، واللبن"، قَالَ الترمذيّ: يعني بالدهن الطيب، وإسناده حسن، إلا أنه ليس عَلَى شرط البخاريّ، فأشار إليه، واكتفى بحديث أنس أنه -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ لا يرد الطيب. (ومنها): استحباب استعمال الطيب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.