أعُطي أحدكم الريحان، فلا يرده، فإنه خرج منْ الجنة". انتهى "فتح" ١١/ ٥٦٦ - ٥٦٧.
وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: وأما الريحان، فَقَالَ أهل اللغة، وغريب الْحَدِيث فِي تفسير هَذَا الْحَدِيث: هو كلّ نبت مشموم، طيّب الريح. قَالَ القاضي عياض -بعد حكاية ما ذكرنا-: ويحتمل عندي أن يكون المراد به فِي هَذَا الْحَدِيث الطيب كلّه، وَقَدْ وقع فِي رواية أبي داود فِي هَذَا الْحَدِيث: "منْ عُرض عليه طيب"، وفي "صحيح البخاريّ": "كَانَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لا يردّ الطيب". انتهى "شرح مسلم" ١٥/ ٩ - ١٠.
(فَلَا يَرُدَّهُ) بضمّ الدال؛ وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٥/ ٩ قوله: "فلا يردّه": برفع الدال، عَلَى الفصيح المشهور، وأكثر ما يَستعمله منْ لا يُحقّق العربيّة بفتحها. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القاعدة فِي هَذَا أنه إذا اتّصل بآخر الفعل المدغم منْ المجزوم، وشبهه هاء الغائب وجب ضمّه، كردُّه، ولم يردّه، أو هاء الغائبة وجب فتحه، كردّها، ولم يردّها؛ لأن الهاء خفية، فلم يُعتدّ بها، فكأن الدال قد وليها الواو، والألف، هَذَا هو مذهب جمهور البصريين، وهو الصحيح. وحكى ثعلب التثليث قبل هاء الغائب، وغُلّط فِي جواز الفتح، وأما الكسر، فالصحيح أنه لغيّة، سمع الأخفش مدِّهِ، وغطِّهِ. وحكى الكوفيّون التثليث قبل كل منهما، راجع شروح "الخلاصة"، و"حواشيها" (١).
(فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمَلِ) قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: بفتح الميم الأولى، وكسر الثانية، كالمجلس، والمراد به الْحَمل -بفتح الحاء-: أي خفيف الحمل، ليس بثقيل. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "وكسر الثانية" فيه نظر لا يخفى؛ لأن المراد هنا المصدر، والقاعدة أن المصدر الميميّ منْ الثلاثيّ الذي مضارعه بكسر عين الكلمة، يكون بفتحها، كمَضرَب، ومَحْمَل، وأما بكسرها، فإنه للزمان والمكان، ولا يناسبان هنا، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
(طَيِّبُ الرَّائِحَةِ) أي لأنه مما يستطيبه الإنسان منْ نفسه، ومن غيره، فلا ينبغيّ ردّه. قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: وَقَدْ أشار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بهذا القول إلى العلّة التي تُرغّب فِي قبول الطيب منْ المعطي، وهي أنه لا مؤنة له، ولا منّة تلحق فِي قبوله؛ لجريان عادتهم