وَقَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: هذه إشارة إلى أدنى ثياب سعد؛ لأن المناديل إنما هي مُمتهنَةٌ، مُتّخذةٌ لمسح الأيدي بها منْ الدنس، والوسخ، وإذا كَانَ هَذَا حال المناديل، فما ظنك بالعمامة، والحُلّة؟، ولا يُظنّ أن طعام الجنّة، وشرابها فيهما ما يُدنّس يد المتناول حَتَّى يحتاج إلى منديل، فإن هَذَا ظنّ منْ لا يعرف الجنّة، ولا طعامها، ولا شرابها، إذ قد نزّه الله الجنّة عن ذلك كله، وإنما ذلك إخبار بأن الله تعالى أعدّ فِي الجنّة كلّ ما كَانَ يُحتاج إليه فِي الدنيا، لكن هي عَلَى حالة هي أعلى، وأشرف، فأَعدّ فيها أمشاطاً، ومجامر، وأُلُوّةً، ومناديل، وأسواقًا، وغير ذلك مما تعارفناه فِي الدنيا، وإن لم نَحتج له فِي الجنّة؛ إتمامًا للنعمة، وإكمالاً للمنّة. انتهى "المفهم" ٦/ ٣٨٤.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى فِي توجيه المناديل لأهل الجنة كلام نفيسٌ جدًّا، وحاصله أن الله سبحانه وتعالى جعل فِي الجنة كل ما كَانَ كمالاً فِي الدنيا، وإن لم يكن لأهل الجنّة حاجة إلى ذلك؛ فالمناديل، والأمشاط، والمجامر كانت لأهل الدنيا منْ الكمالات، بحيث إنها تكون لأهل الشرف، منْ الملوك، وأهل الفضل، إلا أنهم فِي الدنيا يحتاجون إليها لما يُصيبهم منْ الأوساخ، ونحوها، وأما أهل الجنة، فلا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يبصقون، ولا يمتخطون، وإنما هذه الأشياء مجرّد كمالات لهم. اللَّهم إنا نسألك الجنة، وما قرب إليها منْ قول، أو عمل، ونعوذ بك منْ النار، وما قرّب إليها منْ قول، أو عمل. آمين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان لبس الديباج المنسوج بالذهب، هَذَا عَلَى ما يراه المصنّف رحمه الله تعالى، منْ أن هَذَا كَانَ قبل تحريم لبس