الصحيح، غير شيخه، فإنه منْ أفراده. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وصحابيّ، عن صحابيّ، والابن عن أبيه. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ) أنه (قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما (عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ) أي عن حكم لبسه.
[تنبيه]: رواية المصنّف رحمه الله تعالى هذه منْ طريق حرب بن شدّاد، عن يحيى ابن أبي كثير صريحة فِي أن سؤال عمران أوّلاً كَانَ لابن عبّاس، فدله عَلَى عائشة، وهي مخالفة لرواية البخاريّ منْ طريق عليّ بن المبارك، عن يحيى، ونصّها:"عن عمران بن حطان، قَالَ: سألت عائشة عن الحرير؟، فقالت: ائت ابن عبّاس، فسله، قَالَ: فسألته؟ فَقَالَ: سل ابن عمر … " الْحَدِيث.
ففيها أن سؤال عمران أولا كَانَ لعائشة، وَقَدْ علّق البخاريّ رواية حرب هذه فِي "صحيحه" عقب رواية عليّ بن المبارك، فَقَالَ: وَقَالَ عبد الله بن رجاء: حدثنا حرب، عن يحيى، حدثني عمران … وقصّ الْحَدِيث. انتهى. فَقَالَ فِي "الفتح" بعد أن ذكر أن النسائيّ وصله: ما نصّه: وَقَدْ ذكر الدارقطنيّ أن هَذَا اللفظ فِي حديث عمر خطأ، ولعلّ البخاريّ لم يسق اللفظ لهذا المعنى. انتهى.
فيظهر مما ذكر أن رواية البخاريّ هي الراجحة. والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ: سَلْ عَائِشَةَ) رضي الله تعالى عنها (فَسَأَلْتُ عَائِشَةَ؟ قَالَتْ: سَلْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) رضي الله تعالى عنهما (فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ) فيه أنه ينبغي للعالم إذا سُئل عن مسألة، وغيره أعلم بها منه أن يدلّ السائل عليه؛ لأنه منْ باب النصيحة (فَقَالَ) ابن عمر (حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ) يعني أباه عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ:"مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا، فَلَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ) زاد فِي رواية البخاريّ منْ طريق عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير: "فقلتُ: صدق، وما كذب أبو حفص عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وقوله:"فلا خلاق له الخ": قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: الخلاق قيل فيه: الحظّ، والنصيب، والقدر، ويعني بذلك أنه لباس الكفّار والمشركين فِي الدنيا، وهم الذين لا حظّ لهم فِي الآخرة. انتهى. "المفهم" ٥/ ٣٨٦.
وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: قيل: معنى منْ لا خلاق له: منْ لا نصيب له فِي الآخرة. وقيل: منْ لا حرمة له. وليل: منْ لا دين له، فعلى الأول يكون محمولاً عَلَى الكفّار، وعلى القولين الأخيرين يتناول المسلم، والكافر. انتهى "شرح مسلم" ١٤/ ٣٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.