(منها): أنه منْ رباعيات المصنّف رحمه الله تعالى بالنسبة للسند الأول، وهو (٢٥٥) منْ رباعيات الكتاب، ومن خماسياته بالنسبة للسند الثاني. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه إسماعيل بن مسعود، فإنه منْ أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين منْ عبيد الله. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ: عبيد الله، عن نافع. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ) "منْ" يتناول الرجال والنساء فِي الوعيد المذكور، عَلَى هَذَا الفعل المخصوص، فقد فَهِمَت ذلك أم سلمة رضي الله عنها، كما فِي حديثها الآتي بعد ثلاثة أبواب، منْ طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما متصلا بحديثه المذكور فِي الباب: فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النِّساء بذيولهن؟ فَقَالَ: "يرخين شبرا … " الْحَدِيث (أو) للشكّ منْ الراوي (قَالَ: "إِنَّ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ) أي ومن نظر الله تعالى إليه يرحمه، ففيه إثبات صفة النظر لله تعالى عَلَى ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، وَقَالَ فِي "الفتح": قوله: "لا ينظر الله": أي لا يرحمه، فالنظر إذا أضيف إلى الله كَانَ مجازًا، وإذا اضيف إلى المخلوق، كَانَ كناية، ويحتمل أن يكون المراد: لا ينظر الله إليه نظر رحمة، وَقَالَ شيخنا -يعني الحافظ العراقيّ- فِي "شرح الترمذيّ": عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر؛ لأن منْ نظر إلى متواضع رحمه، ومن نظر إلى متكبر مقته، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر، وَقَالَ الكرماني: نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر كناية؛ لأن منْ اعتدّ بالشخص التفت إليه، ثم كثُر حَتَّى صار عبارة عن الإحسان، وإن لم يكن هناك نظر، ولمن لا يجوز عليه حقيقة النظر، وهو تقليب الحدقة، والله منزه عن ذلك، فهو بمعنى الإحسان، مجاز عما وقع فِي حق غيره كناية. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي ذكره الكرمانيّ، والعراقيّ والحافظ منْ تفسير النظر بالرحمة تفسير باللازم، وهو مخالف لما أطبق عليه المحدثون منْ السلف الصالحين، منْ إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى عَلَى ظواهرها، منْ غير تشبيه، ولا تمثيل، ومن غير تأويل، ولا تعطيل، لكن هؤلاء هكذا عادتهم فِي أحاديث الصفات، مع أنهم منْ أكابر المحدّثين، يرغبون عن مذهب المحدّثين، ويسلكون فيها مسلك المتكلّمين، وما أدّاهم إلى هَذَا التأويل المتكلّف به إلا تشبيه الغائب بالشاهد، فإنهم لما