للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٤/ ٥٤٠٤ و١٥/ ٥٤٠٥ و٥٤٠٦ - وفي "الكبرى" ١٨/ ٥٩٥٧ و١٩/ ٥٩٥٨ و٢٠/ ٥٩٥٩ و٢١/ ٥٩٦٠. وأخرجه (خ) فِي "أحاديث الأنبياء" ٣٤٢٧ و"الرقاق" ٦٤٨٣ "والفرائض" ٦٧٦٩ (م) فِي "الأقضية" ١٧٢٠ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ٨٠٨١ و٨٢٧٥. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز حكم الحاكم بما يفهمه منْ القضيّة، قَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: وفيه منْ الفقه استعمال الحكّام الحيل التي تُستخرج بها الحقوق، وذلك يكون عن قوّة الذكاء، والفطنة، وممارسة أحوال الخليقة، وَقَدْ يكون فِي أهل التقوى فراسة دينيّةٌ، وتوسّماتٌ نورانيّةٌ، وذلك فضل الله يؤتيه منْ يشاء. انتهى. وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: إن سليمان -عليه السلام- فعل ذلك تحيلا عَلَى إظهار الحق، فكان كما لو اعترف المحكوم له بعد الحكم، أن الحق لخصمه. (ومنها): أن فيه المسألة المشهورة، وهي أن شرع منْ قبلنا شرعٌ لنا، وهو محلّ خلاف، وبه يقول المصنّف، والبخاريّ، وكثيرون رحمهم الله تعالى، وهو الحقّ، عَلَى تفاصيل تقدّمت فِي مواضع كثيرة.

(ومنها): أن هذه القصة دلّت عَلَى أن الفطنه والفهم موهبة منْ الله، لا يتعلق بكبر سن، ولا صغره. (ومنها): أن الحق فِي جهة واحدة، وأن الأنبياء يسوغ لهم الحكم بالاجتهاد، وإن كَانَ وجود النص ممكنا لديهم بالوحي، لكن فِي ذلك زيادة فِي أجورهم، ولعصمتهم منْ الخطإ فِي ذلك، إذ لا يُقَرُّون لعصمتهم عَلَى الباطل. قاله فِي "الفتح" ٧/ ١٣٣.

وَقَالَ فِي "المفهم" ٥/ ١٧٦: وفي هَذَا الْحَدِيث أن الأنبياء عليهم السلام سُوّغ لهم الحكم بالاجتهاد، وهو مذهب المحقّقين منْ الأصوليين، ولا يُلتفَت لقول منْ يقول: إن الاجتهاد إنما يسوغ عند فقد النصّ، والأنبياء عليهم السلام لا يفقدون النصّ، فإنهم متمكّنون منْ استطلاع الوحي، وانتظاره؛ لأنا نقول: إذا لم يأتهم الوحي فِي الواقعة صاروا كغيرهم فِي البحث عن معاني النصوص التي عندهم، والفرق بينهم وبين غيرهم منْ المجتهدين أنهم معصومون عن الغلط والخطإ، وعن التقصير فِي اجتهادهم، وغيرهم ليسوا كذلك. انتهى.

(ومنها): أن فيه استعمال الحيل فِي الأحكام؛ لاستخراج الحقوق، ولا يتأتى ذلك إلا بمزيد الفطنة، وممارسة الأحوال. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.