للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مثلا: اضربه إنه مسيء: اضربه إنه مسيء فاضربه، ومن شواهده: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} الآية [الإسراء: ٣٢]، ولم يقرأ هنا إلا بالكسر، وإن جاز الفتح فِي العربية، وَقَدْ ثبت الوجهان فِي قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: ٢٨] قرأ نافع، والكسائي أنه بالفتح، والباقون بالكسر. أفاده فِي "الفتح" ٥/ ٣١٠.

(فـ) عند ذلك (تَلَوَّنَ) أي تغير (وَجْهُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وهو كناية عن الغضب، والتألّم منْ كلمته، زاد عبد الرحمن بن إسحاق فِي روايته: "حَتَّى عرفنا أن قد ساءه ما قَالَ" (ثُمَّ) إنه بعد ذلك حكم للزبير باستيفاء حقّه، فـ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("يَا زُبَيْرُ اسْقِ) يحتمل وصل الهمزة، وقطعها، كما سبق بيانه (ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ) أمر منْ الحبس: أي أمسك الماء فِي بستانك، ولا ترسله (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ) أي إلى أن يصير الماء إلى الجدر، وهو -بفتح الجيم، وسكون الدال المهملة-: هو الْمُسَنّاة، وهو: ما وُضع بين شَرَبات النخل، كالجدار. وقيل: المراد الحواجز التي تحبس الماء، وجزم به السهيلي. وُيرْوىَ "الجدُر" بضم الدال، حكاه أبو موسى، وهو جمع جدار. وَقَالَ ابن التين: ضبط فِي أكثر الروايات بفتح الدال، وفي بعضها بالسكون، وهو الذي فِي اللغة، وهو أصل الحائط. وَقَالَ القرطبيّ: لم يقع فِي الرواية إلا بالسكون، والمعنى: أن يصل الماء إلى أصول النخل والشجر، وتأخذ منه حقّها، قَالَ: ويُروَى بكسر الجيم، وهو الجدار، والمراد به جدران الشربات، التي فِي أصول النخل، فإنها تُرفع حَتَّى تصير شِبْه الجدار، و"الشَّرَبات" بمعجمة، وفتحات-: هي الْحُفَرُ التي تُحفَر فِي أصول النخل. وحكى الخطّابيّ "الْجَذْر" -بسكون الذال المعجمة- وهو جذر الحساب، والمعنى: حَتَّى يبلغ تمام الشرب.

زاد فِي رواية للبخاريّ منْ طريق ابن جريج: "فَقَالَ لي ابن شهاب: فقدرت الأنصار والناس قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: اسق، ثم احبس، حَتَّى يرجع إلى الجدر، وكان ذلك إلى الكعبين": يعني أنهم لما رأوا أن الجدر يختلف بالطول والقصر، قاسوا ما وقعت فيه القصة، فوجدوه يبلغ الكعبين، فجعلوا ذلك معيارا لاستحقاق الأول فالأول، والمراد بالأول هنا منْ يكون مبدأُ الماء منْ ناحيته، وَقَالَ بعض المتأخرين منْ الشافعيّة: المراد به منْ لم يتقدمه أحد فِي الغراس بطريق الإحياء، والذي يليه منْ أحيا بعده، وهلم جَرّا، قَالَ: وظاهر الخبر أن الأول منْ يكون أقرب إلى مجرى الماء، وليس هو المراد. وَقَالَ ابن التين: الجمهور عَلَى أن الحكم أن يمسك إلى الكعبين، وخصه ابن كنانة بالنخل والشجر، قَالَ: وأما الزروع فإلى الشِّرَاك. وَقَالَ الطبري: الأراضي مختلفة، فيُمسَك لكل أرض ما يكفيها؛ لأن الذي فِي قصة الزبير واقعة عين. واختلف أصحاب مالك: