للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الخطّابيّ هذه الزيادة -يعني قوله: "فلما أحفظ الخ": يشبه أن تكون منْ كلام الزهريّ، وكانت عادته أن يصل بالحديث منْ كلامه ما يظهر له، منْ معنى الشرح والبيان. قَالَ الحافظ: لكن الأصل فِي الْحَدِيث أن يكون حكمه كله واحدا، حَتَّى يرد ما يبين ذلك، ولا يثبت الإدراج بالاحتمال. قَالَ الخطابى، وغيره: وإنما حكم -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الأنصاريّ فِي حال غضبه، مع نهيه أن يحكم الحاكم وهو غضبان؛ لأن النهي معلل بما يُخاف عَلَى الحاكم منْ الخطأ والغلط، والنبي -صلى الله عليه وسلم- مأمون؛ لعصمته منْ ذلك حال السخط. انتهى.

(قَالَ الزُّبَيْرُ) -رضي الله عنه- (لَا أَحْسَبُ هَذِهِ الآْيَةَ أُنْزِلَتْ، إِلَّا فِي ذَلِكَ) وفي الرواية الآتية ٢٧/ ٥٤١٨: "فَقَالَ الزبير: إني لأحسب هذه الآية نزلت فِي ذلك". وفي رواية البخاريّ: "فَقَالَ الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت فِي ذلك". وقوله: ({فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}) الآية بدل منْ "هذه الآية" منصوب محكيّ لقصد لفظه، أو خبر لمحذوف: أي هي {فَلَا وَرَبِّكَ} الآية. زاد فِي رواية شعيب عند البخاريّ: "إلى قوله: {تَسْلِيمًا}. ووقع فِي رواية بن جريج: "فَقَالَ الزبير: والله إن هذه الآية أنزلت فِي ذلك وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق: "ونزلت: {فَلَا وَرَبِّكَ} الآية، والراجح رواية الأكثر، وأن الزبير كَانَ لا يجزم بذلك، لكن وقع فِي رواية أم سلمة، عند الطبري، والطبراني الجزم بذلك، وأنها نزلت فِي قصة الزبير وخصمه، وكذا فِي مرسل سعيد بن المسيب الذي تقدمت الإشارة إليه، وجزم مجاهد، والشعبي، بأن الآية إنما نزلت فيمن نزلت فيه الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} الآية [النِّساء: ٦٠]، فروى إسحاق بن راهويه فِي "تفسيره" بإسناد صحيح عن الشعبي، قَالَ: كَانَ بين رجل منْ اليهود، ورجل منْ المنافقين خصومة، فدعا اليهودي المنافق إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه عَلَى علم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم؛ لأنه علم أنهم يأخذونها، فأنزل الله هذه الآيات، إلى قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وأخرجه ابن أبي حاتم، منْ طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه. وروى الطبري بإسناد صحيح، عن ابن عبّاس: أن حاكم اليهود يومئذ كَانَ أبا برزة الأسلميّ، قبل أن يُسلم، ويصحب، ورَوَى بإسناد لآخر صحيح إلى مجاهد، أنه كعب بن الأشرف. وَقَدْ رَوَى الكلبي فِي "تفسيره"، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قَالَ: نزلت هذه الآية فِي رجل منْ المنافقين، كَانَ بينه وبين يهودي خصومة، فَقَالَ اليهودي: انطلق بنا إلى محمّد، وَقَالَ المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف، فذكر