(مِنْ سُنْبُلِهِ) بضم المهملة، والموحّدة، بينهما نون ساكنة، قَالَ فِي "اللسان": السنبل: معروفٌ، وجمعه السنابل، قَالَ ابن سِيده: السنبل منْ الزرع واحدته سنبلة. انتهى. وفي رواية أبي داود:"ففركت سنبلاً، فأكلت، وحملت فِي ثوبي"(فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ) أي مالكه (فَأَخَذَ كِسَائِي، وَضَرَبَنِى) وفي رواية أبي داود: "فضربني، وأخذ ثوبي"(فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَسْتَعْدِي عَلَيْهِ) أي أطلب منه أن ينتقم لي منه (فَأَرْسَلَ) -صلى الله عليه وسلم- (إِلَى الرَّجُلِ، فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟) أي عَلَى ما صنعت منْ أخذ كساء الرجل، وضربه (فَقَالَ) الرجل (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنهُ دَخَلَ حَائِطِي) أي بستاني (فَأَخَذَ مِنْ سُنْبُلِهِ فَفَرَكَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلاً) أي فكان اللائق بك أن تعلّمه أوّلاً حرمة مال الغير إلا بإذنه، حَتَّى يكون عَلَى علم منْ ذلك، فإذا أقدم وهو عالم، استحقّ العقوبة (وَلَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا) وفي رواية لأبي داود: "إذ كَانَ ساغبًا، وهو بمعناه. قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- عذره بالجهل حين حمل الطعام، ولام صاحب الحائط إذ لم يُطعمه إذ كَانَ جائعًا. انتهى (ارْدُدْ عَلَيْهِ كِسَاءَهُ) وفي رواية أبي داود: "فأمره، فردّ عليّ ثوبي"(وَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِوَسْقٍ) بفتح الواو، وتكسر، قَالَ فِي "المصباح": قَالَ الأزهريّ: الوسق: ستّون صاعًا بصاع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والصاع خمسة أرطال ثلث، والوسق عَلَى هَذَا الحساب مائة وستّون مَنًا، والوسق ثلاثة أقفزة، وحكى بعضهم الكسر لغة، وجمعه أوساق، مثلُ حِمْل وأحمال. انتهى (أَوْ نِصْفِ وَسْقٍ) شك منْ الراوي، وفي رواية أبي داود:"وأعطاني وسقًا، أو نصف وسق منْ طعام". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عباد بن شُرَحبيل رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢١/ ٥٤١١ - وأخرجه (د) فِي "الجهاد" ٢٦٣٠ (ق) فِي "التجارات" ٢٢٩٨ (أحمد) فِي "مسند الشاميين" ١٧٠٦٧. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعيّة الاستعداء، وهو طلب النصرة. (ومنها): العذر بالجهل؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- سكت عما فعله الرجل منْ فرك السنبل، بل عنّف صاحب البستان عَلَى تقصيره فِي حقّه. (ومنها): أنه يفيد جواز أكل