ولا وجدت له رواية, ولا ذكرًا، إلا فِي هَذَا الْحَدِيث. وَقَالَ ابن عبد البرّ: هو ابن الضحاك الأسلمي، وقيل: ابن مرثد، وقيل: ابن أبي مرثد، وزيفوا الأخير بأن أنيس بن أبي مرثد صحابي مشهور، وهو غَنَوي بالغين المعجمة، والنون -لا أسلمي، وهو بفتحتين- لا التصغير، وغلط منْ زعم أيضًا أنه أنس بن مالك، وصُغّر كما صُغّر فِي رواية أخرى عند مسلم؛ لأنه أنصاريّ، لا أسلمي. ووقع فِي رواية شعيب، وابن أبي ذئب:"وأما أنت يا أنيس -لرجل منْ أسلم- فاغد"، وفي رواية معمر:"ثم قَالَ لرجل منْ أسلم، يقال له: أنيس: قم يا أنيس، فسل امرأة هَذَا"، وهذا يدلّ عَلَى أن المراد بالغدو الذهاب والتوجه، كما يُطلق الرواح عَلَى ذلك، وليس المراد حقيقة الغدو، وهو التأخير إلى أول النهار، كما لا يراد بالرواح التوجه نصف النهار، وَقَدْ حَكَى عياض أن بعضهم استدل به عَلَى جواز تأخير إقامة الحد، عند ضيق الوقت، واستضعفه بأنه ليس فِي الخبر أن ذلك كَانَ فِي آخر النهار.
(فَإِنِ اعْتَرَفَتْ، فَارْجُمْهَا) وفي رواية يونس: "وأمر أنيسا الأسلمي أن يرجم امرأة الآخر، إن اعترفت"(فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا) وفي رواية سفيان: "فغدا عليها، فاعترفت، فرجمها"، وكذا للأكثر، ووقع فِي رواية الليث:"فاعترفت، فأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرجمت"، واختصره ابن أبي ذئب، فَقَالَ:"فغدا عليها، فرجمها"، ونحوه فِي رواية صالح بن كيسان، وفي رواية عمرو بن شعيب:"وأما امرأة هَذَا، فترجم"، ورواية الليث أتمها؛ لأنها تُشعر بأن أنيسا أعاد جوابها عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأمر حينئذ برجمها، ويحتمل أن يكون المراد أَمرَهُ الأول المعلق عَلَى اعترافها، فيتحد مع رواية الأكثر، وهو أولى. قاله فِي "الفتح" ١٤/ ١٠٥. "كتاب الحدود" رقم ٦٨٢٧. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الْجُهنيّ رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: