للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٦٥٩٠ (الموطأ) فِي "الحدود" ١٥٥٦. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان صون النِّساء عن مجلس الحكم، حيث إنه -صلى الله عليه وسلم- أمر أنيسًا -رضي الله عنه- أن يغدو إلى المرأة، ويسألها, فإن اعترفت رجمها, ولم يُلزمها حضور مجلس الحكم. قَالَ فِي "الفتح" ١٤/ ١٠٦: فيه أن الْمُخَدَّرَة التي لا تعتاد البروز، لا تكلف الحضور لمجلس الحكم، بل يجوز أن يرسل إليها منْ يحكم لها وعليها. انتهى.

(ومنها): الرجوع إلى كتاب لله نصا، أو استنباطا. (ومنها): جواز القسم عَلَى الأمر؛ لتأكيده، والحلف بغير استحلاف. (ومنها): حسن خلق النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وحلمه عَلَى منْ يخاطبه بما الأَوْلَى خلافه، وأن منْ تأسى به منْ الحكام فِي ذلك يحمد، كمن لا ينزعج لقول الخصم مثلا: احكم بيننا بالحق، وَقَالَ البيضاوي: إنما تواردا عَلَى سؤال الحكم بكتاب الله، مع أنهما يعلمان أنه -صلى الله عليه وسلم- لا يحكم إلا بحكم الله؛ ليحكم بينهما بالحق الصرف، لا بالمصالحة، ولا الأخذ بالأرفق؛ لأن للحاكم أن يفعل ذلك برضا الخصمين. (ومنها): أن حسن الأدب فِي مخاطبة الكبير، يقتضي التقديم فِي الخصومة، ولو كَانَ المذكور مسبوقا. (ومنها): أن للإمام أن يأذن لمن شاء منْ الخصمين فِي الدعوى، إذا جاءا معا، وأمكن أن كلا منهما يَدّعِي. (ومنها): استحباب استئذان المدعي، والمستفتي الحاكم، والعالم فِي الكلام، ويتأكد ذلك إذا ظن أن له عذرا. (ومنها): أن منْ أقر بالحد، وجب عَلَى الإِمام إقامته عليه، ولو لم يعترف مشاركه فِي ذلك. (ومنها): أن منْ قذف غيره لا يقام عليه الحد، إلا إن طلبه المقذوف، خلافا لابن أبي ليلى، فإنه قَالَ: يجب ولو لم يطلب المقذوف. وتعقّبه الحافظ: بأن محل الخلاف، إذا كَانَ المقذوف حاضرا، وأما إذا كَانَ غائبا كهذا، فالظاهر أن التأخير لاستكشاف الحال، فإن ثبت فِي حق المقذوف، فلا حد عَلَى القاذف، كما فِي هذه القصة، وَقَدْ قَالَ النوويّ تبعا لغيره: إن سبب بعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنيسا للمرأة؛ ليُعلمها بالقذف المذكور؛ لتطالب بحد قاذفها، إن أنكرت، قَالَ: هكذا أوله العلماء منْ أصحابنا وغيرهم، ولابد منه؛ لأن ظاهره أنه بعث يطلب إقامة حد الزنا، وهو غير مراد؛ لأن حد الزنا لا يحتاط له بالتجسس، والتنقيب عنه، بل يستحب تلقين المقِرّ به ليرجع، كما تقدّم فِي قصة ماعز، وكأن لقوله: "فإن اعترفت"، مقابلا: أي وإن أنكرت، فأعلمها أن لها طلب حد القذف، فحُذف لوجود الاحتمال، فلو أنكرت، وطلبت لأُجيبت. وَقَدْ أخرج أبو داود، والنسائي منْ طريق سعيد بن المسيب، عن ابن