للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا جلد عذراء، فوُعِك سهل مكانه، واشتد وعكة، وفيه: "ألا بَرّكت، إن العين حق، توضأ له"، فتوضأ له عامر، فراح سهل ليس به بأس.

[تئبيهات]:

(الأول): اقتصر النوويّ فِي "الأذكار" عَلَى قوله: الاستغسال أن يقال للعائن: اغسل داخلة إزارك مما يلي الجلد، فإذا فعل صبه عَلَى المنظور إليه، وهذا يوهم الاقتصار عَلَى ذلك، وهو عجيب، ولاسيما وَقَدْ نقل فِي "شرح مسلم" كلام عياض بطوله.

(الثاني): قَالَ المازري: هَذَا المعنى مما لا يمكن تعليله، ومعرفة وجهه منْ جهة العقل، فلا يردّ؛ لكونه لا يعقل معناه. وَقَالَ ابن العربي: إن توقف فيه متشرع، قلنا له: قل: الله ورسوله أعلم، وَقَدْ عضدته التجربة، وصدقته المعاينة، أو متفلسف، فالرد عليه أظهر؛ لأن عنده أن الأدوية تفعل بقواها، وَقَدْ تفعل بمعنى لا يدرك، ويسمون ما هَذَا سبيله الخواص. وَقَالَ ابن القيم: هذه الكيفية لا ينتفع بها منْ أنكرها، ولا منْ سَخِر منها، ولا منْ شك فيها، أو فعلها مجربا غير معتقد، وإذا كَانَ فِي الطبيعة خواص، لا يعرف الأطباء عللها، بل هي عندهم خارجة عن القياس، وإنما تفعل بالخاصية، فما الذي تنكر جهلتهم منْ الخواص الشرعية، هَذَا مع أن فِي المعالجة بالاغتسال مناسبة، لا تأباها العقول الصحيحة، فهذا ترياق سم الحية، يؤخذ منْ لحمها، وهذا علاج النفس الغضبية، توضع اليد عَلَى بدن الغضبان، فيسكن، فكأن أثر تلك العين كشعلة نار، وقعت عَلَى جسد، ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشعلة، ثم لما كانت هذه الكيفية الخبيثة، تظهر فِي المواضع الرقيقة منْ الجسد؛ لشدة النفوذ فيها؛ ولا شيء أرق منْ المغابن، فكان فِي غسلها إبطال لعملها، ولاسيما أن للأرواح الشيطانية فِي تلك المواضع اختصاصا، وفيه أيضًا وصول أثر الغسل إلى القلب منْ أرق المواضع، وأسرعها نفاذا، فتنطفىء تلك النار التي أثارتها العين بهذا الماء.

(الثالث): هَذَا الغسل ينفع بعد استحكام النظرة، فأما عند الإصابة، وقبل الاستحكام فقد أرشد الشارع إلى ما يدفعه بقوله فِي قصة سهل بن حنيف المذكورة، كما مضى: "ألا بَرَّكْتَ عليه"، وفي رواية ابن ماجه: "فلياع بالبركة"، ومثله عند ابن السني منْ حديث عامر بن ربيعة. وأخرج البزار وابن السني منْ حديث أنس -رضي الله عنه- رفعه: "منْ رأى شيئاً فأعجبه، فَقَالَ: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم يضره".

وفي الْحَدِيث منْ الفوائد أيضًا: أن العائن إذا عُرِف يُقضَى عليه بالاغتسال، وأن الاغتسال منْ النشرة النافعة، وأن العين تكون مع الإعجاب، ولو بغير حسد، ولو منْ الرجل المحب، ومن الرجل الصالح، وأن الذي يعجبه الشيء، ينبغي أن يبادر إلى