للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأهل، اللَّهم إني أعوذ بك منْ وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب فِي المال والأهل"، وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن: "آيبون، تائبون، عابدون لربنا حامدون".

(قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ منْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ) الوعثاء -بفتح الواو، وإسكان العين المهملة، وبالثاء المثلثة، وَبالمد-: وهي المشقة والشدة. (وَكَآبَةِ) -بفتح الكاف، وبالمد، هي تغير النفس منْ حزن ونحوه. (الْمُنْقَلَبِ) -بفتح اللام-: قيل: هو مصدر بمعنى الانقلاب، أو اسم مكان، قَالَ الخطابيّ رحمه الله تعالى: معناه أن ينقلب إلى أهله كئيباً حزيناً؛ لعدم قضاء حاجته، أو إصابة آفة له، أو يجدهم مرضى، أو مات منهم بعضهم. انتهى. (وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ) بالراء، والكور: لَفّ العمامة، والحور: نقضها، والمراد الاستعاذة منْ النقصان بعد الزيادة، أو منْ الشتات بعد الانتظام، أو منْ فساد الأمور بعد صلاحها، وقيل: منْ الرجوع عن الجماعة بعد الكون فيهم.

وفي "صحيح مسلم": "بعد الكون" بالنون بدل الراء، قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرح مسلم": هكذا هو فِي معظم النسخ منْ "صحيح مسلم": "بعد الكون" بالنون، بل لا يكاد يوجد فِي نسخ بلادنا إلا بالنون، وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون فِي "صحيح مسلم"، قَالَ القاضي: وهكذا رواه الفارسيّ وغيره، منْ رواة "صحيح مسلم"، قَالَ: ورواه العذريّ: "بعد الكور" بالراء، قَالَ: والمعروف فِي رواية عاصم الذي رواه مسلم عنه بالنون، قَالَ القاضي: قَالَ إبراهيم الحربي: يقال: إن عاصما وَهِمَ فيه، وأن صوابه "الكور" بالراء، قلت: وليس كما قَالَ الحربي، بل كلاهما روايتان، وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذيّ فِي "جامعه"، وخلائق منْ المحدثين، وذكرهما أبو عبيد، وخلائق منْ أهل اللغة، وغريب الْحَدِيث، قَالَ الترمذيّ بعد أن رواه بالنون: ويروى بالراء أيضًا، ثم قَالَ: وكلاهما له وجه، قَالَ: ويقال: هو الرجوع منْ الإيمان إلى الكفر، أو منْ الطاعة إلى المعصية، ومعناه الرجوع منْ شيء إلى شيء منْ الشر. هَذَا كلام الترمذيّ، وكذا قَالَ غيره منْ العلماء: معناه بالراء والنون جميعا: الرجوع منْ الاستقامة، أو الزيادة إلى النقص، قالوا: ورواية الراء مأخوذة منْ تكوير العمامة، وهو لَفّها وجمعها، ورواية النون مأخوذة منْ الكون، مصدر كَانَ يكون كونا: إذا وُجد، واستقر. قَالَ المازرى فِي رواية الراء: قيل أيضًا: إن معناه: أعوذ بك منْ الرجوع عن الجماعة، بعد أن كنا فيها، يقال: كار عمامته: إذا لفها، وحارها: إذا نقضها. وقيل: نعوذ بك منْ أن تفسد أمورنا بعد صلاحها، كفساد العمامة بعد استقامتها عَلَى الرأس، وعلى رواية النون قَالَ أبو عبيد: سئل عاصم عن معناه؟ فَقَالَ: ألم تسمع قولهم: حار بعدما كَانَ: أي إنه كَانَ عَلَى حالة جميلة، فرجع عنها. انتهى كلام النوويّ فِي "شرح