للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْبَاذَقِ) قَالَ فِي "المصباح": الباذق بفتح الذال: ما طُبخ منْ عصير العنب أدنى طبخ، فصار شديدًا، وهو مسكرٌ، ويقال: معرّب. انتهى. وفي "القاموس": الباذق بكسر الذال، وفتحها: ما طُبخ منْ عصير العنب أدنى طبخة، فصار شديدًا. انتهى.

وَقَالَ فِي "الفتح" ١١/ ١٨٩ - ١٩٠: ضبطه ابن التين بفتح المعجمة، ونَقَل عن الشيخ أبي الحسن -يعني القابسي- أنه حَدّث به بكسر الذال، وسئل عن فتحها؟ فَقَالَ: ما وقفنا عليه، قَالَ: وذكر أبو عبد الملك، أنه الخمر إذا طُبخ. وَقَالَ ابن التين: هو فارسي معرب. وَقَالَ الجواليقي: أصله باذه، وهو الطِّلاء، وهو أن يُطبخ العصير حَتَّى يصير مثل طلاء الإبل، وَقَالَ ابن قرقول: الباذق المطبوخ منْ عصير العنب، إذا أسكر، أو إذا طُبخ بعد أن اشتد. وذكر ابن سِيدَهْ فِي "المحكم" أنه منْ أسماء الخمر. وأغرب الداودي، فَقَالَ: إنه يشبه الفُقَّاع (١)، إلا أنه ربما اشتد، وأسكر، وكلام منْ هو أعرف منه بذلك يخالفه. ويقال للباذق أيضاً: الْمُثَلَّث؛ إشارة إبى أنه ذهب منه بالطبخ ثلثاه، وكذلك الْمُنَصَّف، وهو ما ذهب نصفه، وتسميه العجم مَيْنُخْتَج -بفتح الميم، وسكون التحتانية، وضم الموحدة، وسكون المعجمة، وفتح المثناة، وآخره جيم- ومنهم منْ يضم المثناة، وروايته (٢) فِي "مصنف ابن أبي شيبة" بدال بدل المثناة، وبحذف الميم والياء منْ أوله. انتهى.

(فَقَالَ) ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما (سَبَقَ مُحَمَّدٌ الْبَاذَقَ، وَمَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ) قَالَ المهلب رحمه الله تعالى: أي سبق محمد بتحريم الخمر، وتسميتَهُم لها الباذق. قَالَ ابن بطال: يعني بقوله: "كل مسكر حرام"، والباذق شراب العسل. ويحتمل أن يكون المعنى: سبق حكم محمد بتحريم الخمر تسميتَهُم لها بغير اسمها, وليس تغييرهم للاسم بمحلل له، إذا كَانَ يُسكر، قَالَ: وكأن ابن عبّاس فَهِم منْ السائل أنه يرى أن الباذق حلال، فحسم مادته، وقطع رجاءه، وباعد منه أصله، وأخبره أن المسكر حرام، ولا عبرة بالتسمية. وَقَالَ ابن التين: يعني أن الباذق لم يكن فِي زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وَقَالَ أبو الليث السمرقندي: شارب المطبوخ إذا كَانَ يُسكر أعظم ذنبا منْ شارب الخمر؛ لأن شارب الخمر يشربها، وهو يعلم أنه عاص بشربها، وشارب المطبوخ يشرب المسكر، ويراه حلالاً، وَقَدْ قام الإجماع عَلَى أن قليل الخمر وكثيره حرام، وثبت قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مسكر حرام"، ومن استحل ما هو حرام بالإجماع كفر.

قَالَ الحافظ: وَقَدْ سبق إلى نحو هَذَا بعض قدماء الشعراء، فِي أول المائة الثالثة، فَقَالَ -يُعَرِّض ببعض منْ كَانَ يفتي بإباحة المطبوخ-:


(١) الفُقَّاع كرُمَّان: الذي يشرب سمي به لما يرتفع فِي رأسه منْ الزَّبد. أفاده فِي "ق".
(٢) هكذا نسخة "الفتح"، ولعل الصواب: "ورأيته".