للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للمفعول (فِي الْفَرَقِ) أي منْ الفرق، فـ"فِي" بمعنى "منْ"، و"الفرق" -بفتحتين-: مكيال يسع ستة عشر رطلاً (قَبْلَهَا) أي قبل آخر الشربة، والمراد ما تقدّم عَلَى الشربة الأخيرة حلّلوه مع كثرته، وعلّقوا التحريم بالشربة الأخير مع قلّتها، ومعلوم أن الإسكار ليس بها وحدها، وإنما هو مع ما تقدّمها منْ الشراب الكثير، كما أشار إليه بقوله: "ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر الخ". وعبارة "الكبرى": "الذي سرى فِي العروق قبلها". والمعنى عليه: أنهم حلّلوا الشراب الذي تقدّم الشربة الأخيرة، وسرى فِي عروق الشارب حَتَّى أحدث فيه السُّكْرَ.

وَقَالَ السنديّ رحمه الله تعالى فِي "شرحه": الظاهر أن هَذَا -يعني قوله: الذي يشرب الخ- تحريف، والصواب ما فِي "الكبرى": "الذي يسري فِي العروق قبلها". والله تعالى أعلم. انتهى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي لا حاجة لدعوى التحريف؛ فإن المعنى عَلَى ما فِي "المجتبى" صحيح، كما أن لما فِي "الكبرى" وجهًا صحيحًا أيضًا، عَلَى ما وجّهته آنفًا. والله تعالى أعلم.

(وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ السُّكْرَ) بضم، فسكون-: اسم منْ "السَكَر -بفتحتين- يقال: سكر سكَرًا، منَ باب تَعِب، وكسر السين منْ المصدر لغة أيضاً، فيصير بوزن العنب، فهو سكران، والمرأة سكرى، والجمع سُكارى بضم السين، وفتحها، وفي لغة بني أسد يقال للمرأة سكرانة. أفاده فِي "المصباح" (بِكُلِّيَّتِهِ لَا يَحْدُثُ) بضم الدال المهملة، منْ باب قعد: أي لا يحصل (عَلَى الشَّرْبَةِ الآخِرَةِ) "عَلَى" بمعنى "منْ كما قوله تعالى: {إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ} [المطفّفين: ٢]. أو تعليلة، كما فِي قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٨٥]، (دُونَ الأُولَى) أي دون الشربة الأولى (وَالثَّانِيَةِ بَعْدَهَا) أي بعد الأولى، والمراد ما قبل الشربة الأخير، سواء كَانَ مرَّتين، أو أكثر (وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ).

وحاصل ما أشار إليه بقوله: "ولا خلاف بين أهل العلم الخ" أنهم لا يختلفون فِي كون السكر إذا حصل للشارب أنه لم يحصل بالشربة الأخيرة فقط، وإنما حصل بجميع ما شربه منْ الشربة الأولى إلى آخر الشربات، فإذا حصل السكر بالجميع، لا بالأخيرة فقط، فقد اتّضح أن التحريم تعلّق بالجميع، لا بها فقط، فتفريق هؤلاء بين الأخيرة، فحرّموها، وبين ما تقدّمها، فأباحوه تفريق باطل، ولا يشكّ فِي بطلانه عاقل، وإنما يتخيله عاطل. والله تعالى المستعان عَلَى منْ خالف النقل والعقل، فهام وهان.

[فائدة]: رأيت للعلامة اللغويّ أحمد بن محمد بن عليّ المقرىء الفيّوميّ المتوفّى