للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفعل، وإنما يقصد به الردع والتحذير، وَقَدْ يحتمل أن يكون القتل فِي الخامسة واجبا، ثم نسخ بحصول الإجماع منْ الأمة عَلَى أنه لا يقتل. انتهى، وحكى المنذري عن بعض أهل العلم أنه قَالَ: أجمع المسلمون عَلَى وجوب الحد فِي الخمر، وأجمعوا عَلَى أنه لا يقتل إذا تكرر منه إلا طائفة شاذة، قالت: يُقتل بعد حده أربع مرات؛ للحديث، وهو عند الكافة منسوخ. انتهى.

وَقَالَ الترمذيّ رحمه الله تعالى: إنه لا يعلم فِي ذلك اختلافا بين أهل العلم فِي القديم والحديث، وذكر أيضًا فِي آخر كتابه "الجامع" فِي العلل أن جميع ما فيه معمول به عند البعض منْ أهل العلم، إلا حديث: "إذا سكر فاجلدوه" المذكور فِي الباب، وحديث الجمع بين الصلاتين.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى الإجماع غير صحيحة، كما سيأتي تحقيقه، وكذا دعوى النسخ محلّ نظر، كما سيأتي أيضًا. والله تعالى أعلم.

وَقَدْ احتج منْ أثبت القتل بما أخرجه أصحاب السنن إلا النسائيّ، عن معاوية -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إذا شربوا فاجلدوهم، ثم إذا شربوا الرابعة فاقتلوهم".

قالوا: إنه متأخر عن الأحاديث القاضية بعدم القتل؛ لأن إسلام معاوية متأخر. وأجيب عن ذلك بأن تأخر إسلام الراوي لا يستلزم تأخر المروي؛ لجواز أن يروي ذلك عن غيره منْ الصحابة المتقدم إسلامهم عَلَى إسلامه.

وأيضاً قد أخرج الخطيب فِي "المبهمات" عن ابن إسحاق، عن الزهريّ، عن قبيصة أنه قَالَ فِي حديثه السابق: "فأتي برجل منْ الأنصار يقال له: نعيمان، فضربه أربع مرات، فرأى المسلمون أن القتل قد أُخر".

وأخرج عبد الرزاق، عن معمر، عن سهيل، وفيه: قَالَ: فحدثت به ابن المنكدر، فَقَالَ: قد تُرِك ذلك. وَقَدْ أُتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بابن النعيمان فجلده ثلاثا، ثم أتى به الرابعة فجلده، ولم يزده. وقصة النعيمان، أو ابن النعيمان كانت بعد الفتح؛ لأن عقبة بن الحرث حضرها، فهي إما بحنين، وإما بالمدينة، ومعاوية أسلم قبل الفتح، أو فِي الفتح عَلَى الخلاف، وحضور عقبة كَانَ بعد الفتح. أفاده فِي "نيل الأوطار" ٧/ ١٥٦ - ١٥٧.

وَقَالَ الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى فِي كتابه "المحلّى" ١١/ ٣٦٥ - ٣٧٠:

اختلف النَّاس فِي شارب الخمر يحد فيها، ثم يشربها، فيحد فيها ثانية، ثم يشربها