حاصل ما أشار إليه المصنّف رحمه الله تعالى منْ تضعيف هذه الرواية أمران: أحدهما: جهالة قرصافة. والثاني: مخالفتها لما هو المشهور عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وهو أنها قالت: لا أحلّ مسكرًا، وهذا يخالف رواية قرصافة:"ولا تسكروا"؛ لأن اللفظ الأول يدلّ عَلَى عدم حلّ شرب المسكر، قليلاً كَانَ، أو كثيرًا، أسكر، أو لا، بخلاف الثاني، فإنه إنما يدلّ عَلَى النهي عن السُّكْر، وذلك يصدق فيما إذا شرب ما يصل به إلى حد السكر، وهذا هو بعينه إباحة شرب المسكر، وهو مضادّ للنصوص الصحيحة الكثيرة فِي تحريم شرب المسكر مطلقاً، كما سبق بيانه. ثم بيّن المشهور عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فَقَالَ:
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"قُدامة العامريّ": هو ابن عبد الله بن عبدة البكريّ، أبو رَوح الكوفيّ، قيل: هو فُليت العامريّ، مقبول [٦] ٧٩/ ١٠١٠. و"جسرة بنت دجاجة": هو العامرية الكوفيّة مقبولة [٣]، ويقال: إن لها إدراكًا ٧٩/ ١٠١٠.
وقولها:"غُدوة" -بضم، فسكون-: ما بين صلاة الصبح، وطلوع الشمس، جمعه غُدًى، بضم ففتح، كمُدية ومُدًى. و"العشيّ": قيل: ما بين الزوال إلى الغروب، وقيل: آخر النهار.
وقولها:"وإن كانت ماء": هكذا نسخ "المجتبى" بتاء التأنيث، مع كون المسكر مذكرًا، والذي فِي "الكبرى": "وإن كَانَ ماء"، وهو الظاهر.
وغرض عائشة رضي الله تعالى عنها بهذا الكلام ادتشديد فِي شأن المسكر. والحديث صحيح، وجسرة رَوَى عنها جماعة، ووثقها العجليّ، وابن حبّان، وحديثها هَذَا يشهد له ما بعده، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا - ٤٨/ ٥٦٨٢ - وفي "الكبرى" ٤٩/ ٥١٩٠. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.