وهو يدلّ عَلَى أن مذهب عَبِيدة السَّلْمانيّ رحمه الله تعالى كمذهب ابن مسعود -رضي الله عنه-، وجمهور العلماء، منْ تحريم ما أباحه أهل الكوفة منْ الأشربة، وأنهم لورعهم اكفتوا بشرب الماء، واللبن، والعسل، مع أن النبيذ إذا لم يتغير يجوز شربه، إلا أن النَّاس لما أحدثوا أشربة لا يرون حلها تركوا النبيذ مطلقًا؛ تورّعًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: و"إسحاق بن إبراهيم": هو الحنظليّ المعروف بابن راهويه الثقة الثبت الحجة [١٠] ٢/ ٢. و"جرير": هو ابن عبد الحميد بن قُرط الضبيّ الكوفيّ، نزيل الريّ، وقاضيها، ثقة ثبت، صحيح الكتاب، قيل: كَانَ فِي آخر عمره يهم منْ حفظه [٨] ٢/ ٢. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَن) عبد الله (بْنِ شُبرُمَةَ) -بضم الشين المعجمة، وسكون الموحّدة، وضم الراء- ابن الطفيل بن حسان الضبّيّ، أبي شُبرمة الكوفيّ القاضي الثقة الثبت [٥] مات سنة (١٤٤) تقدّم فِي ٥٦/ ٣٥٤٩ أنه (قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ) بن مصرّف بن عمرو بن كعب الياميّ الكوفيّ الثقة القارىء الفاضل [٥] مات سنة (١١٢) أو بعدها، تقدّم فِي ١٩١/ ٣٠٦ (لِأَهْلِ الْكُوفَةِ) جارّ ومجرور خبر مقدّم لقوله: "فتنة": أي كائن لأهل الكوفة (فِي النَّبِيذِ) متعلّقٌ بقوله: (فِتْنَةٌ) قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى فِي "شرحه" ٨/ ٣٣٦: أي ابتلاء، ففيه نفع وضرر، فالصغير يربو، ويزيد قوّة، وهو نفع، وضمير "فيها" للنبيذ باعتبار ما فيه منْ الفتنة، و"فِي" للسببيّة، والكبير يهرم، وهو ضرر. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله السنديّ فِي معنى هَذَا الكلام فيه نظر لا يخفى، بل الصواب عندي، أنه أراد بقوله:"فتنة يربو فيها الخ" كون الفتنة دائمة، غير منقطعة، فيكون المعنى أن عند أهل الكوفة فتنةً دائمةً، لا تنقطع، بحيث إن الصغير يشبّ، ويترعرع، وهي قائمة، والكبير يشيب، ويهرم، وهي قائمة، فلا أحد يقوم