للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلا يجب إلا ما ورد الشرع به ولم يصح (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع الحيض، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي"، وليس في هذا ما يقتضي التكرار، وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود، والبيهقي، وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالغسل لكل صلاة، فليس فيها شيء ثابت (٢) وقد بين البيهقي ومَن قبله ضعفها، وإنما صح في هذا ما رواه البخاري، ومسلم في صحيحهما، أن أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها استحيضت، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما ذلك عرق، فاغتسلي، ثم صلي" فكانت تغتسل عند كل صلاة، قال الشافعي رضي الله عنه: إنما أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل، وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال: ولا أشك أن غسلها كان تطوعًا غير ما أمرت به، وذلك واسع لها، هذا لفظ الشافعي رحمه الله، وكذا قاله شيخه سفيان بن عيينة، والليث بن سعد وغيرهما. اهـ المجموع ج ٢ ص ٤٣٦ بتصرف.

وقال الحافظ رحمه الله بعد ذكر كلام الشافعي بنحو ما ذكره النووي: ما نصه: وكذا قال الليث بن سعد في روايته عند مسلم: لم يذكر ابن شهاب أنه - صلى الله عليه وسلم -أمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي.

ثم قال: ويؤيده ما رواه أبو داود من طريق عكرمة "أن أم حبيبة استحيضت، فأمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تنتظر أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي، فإذا رأت شيئًا من ذلك توضأت وصلت". واستدل المهلبي بقوله لها "هذا عرق" على أنه لم يوجب عليها الغسل لكل صلاة لأن دم العرق لا


(١) هذا غير صحيح، بل الحديث صحيح، كما سنذكره.
(٢) سيأتي أنها ثابتة من حديث الزهري من رواية سليمان بن كثير، وابن إسحاق عنه، ومن رواية يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، ومن رواية يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن محمَّد، عن عمرة، فلا معنى للطعن فيها.