للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألة الخامسة: اتفق العلماء في أن المستحاضة إذا أدبر حيضها تصلي، وتصوم، وتؤدي كل عبادة تشترط لها الطهارة، واختلفوا في إباحة وطئها حينئذ فالجمهور على جوازه لكونها في حكم الطاهرة وقد استدل الشافعي رحمه الله بالأمر بالصلاة على جواز الوطء، قال: لأن الله تعالى أمر باعتزالها حائضا، وأذن في إتيانها طاهرة فلما حكم - صلى الله عليه وسلم - للمستحاضة بحكم الطاهرة في أن تغتسل وتصلي دل ذلك على جواز وطئها، وقد أخرج عبد الرزاق، وغيره، عن ابن عباس من طريق عكرمة قال "المستحاضة لا بأس أن يأتيها زوجها"، ولأبي داود من وجه آخر عن عكرمة قال: "كانت أم حبيبة تستحاض، وكان زوجها يغشاها".

قال الحافظ رحمه الله: وهو حديث صحيح إن كان عكرمة سمعه منها. وأخرج أيضا عن عكرمة عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة، وكان زوجها يجامعها، والكلام فيه كالكلام في سابقه، فقد قال المنذري: في سماع عكرمة منهما نظر.

وهذا القول منقول عن ابن عباس، وابن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، وسعيد بن جبير، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله المزني، والأوزاعي، والثوري، وأبي ثور، ومالك، والشافعي

وأبي حنيفة، رحمهم الله.

وذهبت طائفة إلى أنه لا يحل وطؤها، وهو مذهب عائشة رضي الله عنها، وبه قال إبراهيم النخعي، والحكم، والزهري، وغيرهم. وعن ابن سيرين كراهته.

قال الجامع: والراجح هو ما ذهب إليه الجمهور لعدم ورود المنع عن ذلك، فالبراءة الأصلية لا معارض لها، ولما تقدم في كلام الشافعي رحمه الله. والله أعلم.

المسألة السادسة: قد ذكر العلامة الناقد، والبحاثة السائد (١) أبو


(١) أي السيد اهـ "ق".