للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمَّد بن حزم الظاهري في كتابه المُمْتع "المُحَلَّى" في بيان أحكام المستحاضة كلاما دقق فيه النظر وأورد فيه أقوال العلماء بأدلتها فنظر فيما لها وما عليها حسبما أداه إليه نظره فحقق في ذلك تحقيقا لا تراه في غيره من الكتب، وأنا ألخصه لأهميته، فإن مسألة المستحاضة قد طال البحث فيها بين أهل المذاهب حتى خرج عن حد الاعتدال، وقد أجاد القول فيه العلامة الشوكاني رحمه الله فقال: وقد أطال المصنفون في الفقه الكلام في المستحاضة، واضطربت أقوالهم اضطرابا يبعد فهمه على أذكياء الطلبة، فما ظنك بالنساء الموصوفات بالعي في البيان والنقص في الأديان، وبالغوا في التعسير حتى جاءوا بمسألة المتحيرة فتحيروا، إلى آخر كلامه. ولنعد إلى كلام أبي محمَّد ابن حزم رحمه الله قال رحمه الله:

(مسأله) فإن رأت الجارية الدم أول ما تراه أسود فهو دم حيض، تدع الصلاة، والصوم ولا يطؤها بعلها أو سيدها، فإن تلون أو انقطع إلى سبعة (١) عشر يوما فأقل فهو طهر صحيح تغتسل وتصلي وتصوم ويأتيها زوجها، وإن تمادى أسود تمادت على أنها حائض إلى سبع عشرة ليلة، فإن تمادى بعد ذلك أسود فإنها تغتسل ثم تصلي وتصوم ويأتيها زوجها وهي طاهر أبدا لا ترجع إلى حكم الحائضة إلا أن ينقطع أو يتلون كما ذكرنا، فيكون حكمها إذا كان أسود حكم الحيض وإذا تلون، أو انقطع،

أو زاد على السبع عشرة حكم الطهر، فأما التي قد حاضت وطهرت فتمادى بها الدم فكذلك أيضًا في كل شيء إلا في تمادي الدم الأسود متصلا، فإنها إذا جاءت الأيام التي كانت تحيضها أو الوقت الذي كانت تحيضه إما مرارًا في الشهر أو مرة في الشهر أو مرة في أشهر أو في عام فإذا


(١) إنما قال: سبعة عشر يوما لأن مذهبه أنه أكثر الحيض للإجماع على أن ما فوقه استحاضة، وما دونه فيه اختلاف، ولا دليل من النص على وقت بعية فأخذا بالمجمع عليه. لكن يعارضه قول من قال ثمانية عثر يوما وهو الذي رجحه ابن العربي في عارضته ولعل ابن حزم ما اطلع عليه فلذا قال ما تقدم. والله أعلم.