للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أقتصر بها على أقل ما يكون من الحيض لئلا تترك الصلاة إلا بيقين، إلا كان للآخر أن يقول: بل أقتصر بها على أكثر الحيض لئلا تصلي وتصوم ويطؤها زوجها وهي حائض، وكل هذين القولين يفسد صاحبه، وهما جميعا فاسدان لأنهما تقوّل بالظن، والحكم بالظن في دين الله عز وجل لا يجوز، ونحن على يقين لا شك فيه أن هذه المبتدأة لم تحض قط، وأن الصوم والصلاة فرضان عليها، وأن زوجها مأمور ومندوب إلى وطئها، ثم لا ندري ولا نقطع أن شيئًا من هذا الدم الظاهر عليها دم حيض، فلا يحل ترك اليقين والفرائض اللازمة بظن كاذب (١).

قال: وأما وضوؤها لكل صلاة فلحديث فاطمة بنت أبي حبيش، وأما غسلها لكل صلاة فلحديث أم حبيبة بنت جحش حيث أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغسل لكل صلاة، وكلاهما صحيح.

قال: وقال بهذا جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، فعن عائشة رضي الله عنها، أن أم حبيبة استحيضت فكانت تغتسل لكل صلاة. وعن سعيد بن جبير أنه كان عند ابن عباس فأتاه كتاب امرأة، قال سعيد فدفعه إلى، فقرأته فإذا فيه: إني امرأة متسحاضة أصابني بلاء وضر، وأني أدع الصلاة الزمان الطويل، وإن ابن أبي طالب سئل عن ذلك؟ فأفتاني أن أغتسل عند كل صلاة، فقال ابن عباس: اللهم لا أجد لها إلا ما قال علي، غير أنها تجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد، والمغرب والعشاء بغسل واحد، وتغتسل للفجر غسلا واحدا، فقيل لابن عباس: إن الكوفة أرض باردة وأنها يشق عليها؟، قال: لو شاء الله لابتلاها بأشد من ذلك.


(١) الظن الذي يرده ابن حزم هو كما قال الصنعاني بمعنى الشك والتردد، ولا يعني الظن الراجح. فإنه مما يعمل به هو في كثير من الأحكام. انظر ما كتب في هامش المحلى ج ١ ص ٧١، فقد حرر الصنعاني هذا البحث تحريرا بالغا.