للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن سعيد بن جبير: قال: أرسلت امرأة مستحاضة إلى ابن الزبير: أني أفتيت أن أغتسل لكل صلاة، فقال ابن الزبير: ما أجد لها إلا ذلك، ثم أرسلت إلى ابن عباس، وابن عمر، فقالا جميعا: ما نجد لها إلا ذلك. وعن عطاء وإبراهيم النخعي قالا: تنتظر المستحاضة أيام أقرائها، ثم تغتسل غسلا واحدًا للظهر والعصر، تؤخر الظهر قليلا وتعجل العصر قليلا، وكذلك المغرب والعشاء، وتغتسل للصبح غسلا. وعن سعيد بن المسيب قال: المستحاضة تغتسل لكل صلاة وتصلي.

فهؤلاء من الصحابة أم حبيبة، وعلي، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير لا مخالف (١) لهم يعرف من الصحابة رضي الله عنهم، إلا رواية عن عائشة: أنها تغتسل كل يوم عند صلاة الظهر. ومن التابعين عطاء، وسعيد بن المسيب، والنخعي، وغيرهم. وكلها بأسانيد صحيحة.

قال: فجاءت السنة في التي يتميز دمها أن الأسود حيض، وأن ما عداه طهر، فوضح أمر هذه، وجاءت السنة في التي لا تميز دمها، وهو كله أسود لأن ما عداه طهر لا حيض ولها وقت محدود مميز كانت تحيض فيه أن تراعي أمد حيضها فتكون فيه حائضا، ويكون ما عداه طهرا، فوجب الوقوف عند ذلك، وكان حكم التي كانت أيامها مختلفة منتقلة أن تبني على آخر حيض حاضته قبل اتصال دمها, لأنه هو الذي استقر عليه حكمها وبطل ما قبله باليقين والمشاهدة، فخرجت هاتان بحكمهما، ولم يبق إلا التي لا تميز دمها ولا لها أيام معهودة، ولم يبق إلا المأمورة بالغسل لكل صلاة أو لكل صلاتين فوجب ضرورة أن تكون هي، إذ ليس إلا ثلاث صفات وثلاثة أحكام، فللصفتين حكمان منصوصان عليهما، فوجب أن يكون الحكم الثالث للصفة الثالثة ضرورة ولابد.


(١) فيه أنه تقدم أن عدم الإيجاب مروي عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة رضي الله عهم، ولعله لم يصح عند ابن حزم فجزم بهذا.