للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وأما مالك فإنه غلب حكم تلون الدم ولم يراع الأيام، وأما أبو حنيفة فغلب الأيام ولم يراع حكم تلون الدم، وكلا العملين خطأ لأنه ترك لسنة لا يحل تركها، وأما الشافعي، وابن حنبل، وأبو عبيد، وداود فأخذوا بالحكمين معا، إلا أن أحمد بن حنبل وأبا عبيد غلبا الأيام، ولم يجعلا لتلون الدم حكما إلا في التي لا تعرف أيامها، وجعلا للتي تعرف أيامها حكم الأيام، وإن تلون الدم، وأما الشافعي، وداود فغلبا حكم تلون الدم سواء عرفت أيامها، أو لم تعرف، ولم يجعلا حكم مراعاة وقت الحيض إلا للتي لا يتلون، قال: فبقي النظر في أي العملين هو الحق؟ ففعلنا فوجدنا النص قد ثبت وصح بأنه لا حيض إلا الدم الأسود، وما عداه ليس حيضًا، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن دم الحيض أسود يعرف"، فصح أن المتلونة الدم طاهرة تامة الطهارة لا مدخل لها في حكم الاستحاضة، وأنه لا فرق بين الدم الأحمر وبين القصة البيضاء، ووجب أن الدم إذا تلون قبل انقضاء أيامها المعهودة أنه طهر صحيح، فبقي الإشكال في الدم الأسود المتصل فقط، فجاء النص بمراعاة الوقت لمن تعرف وقتها، وبالغسل المردد لكل صلاة أو لصلاتين في التي نسيت وقتها. وبالله التوفيق.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا خلاصة ما ذكره ابن حزم رحمه الله في كتابه "المحلى" ج ٢ ص ٢٠٧ - ٢١٥ وهو بحث نفيس جدا في مسألة المستحاضة، وبه تجتمع الأحاديث "الصحيحة" ويزول الإشكال، غير ما قاله في التي لا تميز ولا لها عادة فإنه يخالفه الحديث الذي رواه أبو داود، وأحمد، والترمذي، وصححاه كما قال المجد بن تيمية بإسنادهم عن حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة شديدة كثيرة، فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أستفتيه، وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش قالت: قلت: يا رسول الله إني أستحاض حيضة كثيرة