وقال الأصمعي في قوله تعالى:{ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}: جاء هذا على غير قياس، والقياس: ثلاثة أقْرُؤ، ولا يجوز أن يقال ثلاثة فلوس، إنما يقال: ثلاثة أفلس، فإذا كثرت فهي الفلوس، ولا يقال: ثلاثة رجال، وإنما هي ثلاثة رَجْلَة، ولا يقال: ثلاثة كلاب، إنما هي ثلاثة أكلب، قال أبو حاتم: والنحويون قالوا في قوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} أراد ثلاثة من القروء.
وقال أبو عبيد: الأقراء الحيَضُ، والأقراء الأطهار، وقد أقرأت المرأة في الأمرين جميعًا، وأصله من دُنُوّ وقت الشيء. قال الشافعي رضي الله عنه: القرء اسم للوقت، فلما كان الحيض يجيء لوقت، والطهر يجيء لوقت جاز أن يكون الأقراء حيَضًا، وأطهارًا، قال: ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله عز وجل أراد بقوله:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} الأطهار، وذلك أن ابن عمر رضي الله عنهما لما طلق امرأته وهي حائض فاستفتى عمرُ رضي الله عنه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فيما فعل، فقال:"مره فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها، فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء".
وقال أبو إسحاق: الذي عندي في حقيقة هذا أن القرء في اللغة: الجمع، وأن قولهم: قريت الماء في الحوض، وإن كان قد ألزم الياء، فهو جمعتُ، وقرأت القرآن لفظتُ به مجموعًا، والقرْد يَقْري، أي يَجمَع ما يأكل في فيه، فإنما القرء اجتماع الدم في الرحم، وذلك إنما يكون في الطهر، وصح عن عائشة، وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: الأقراء والقُرُوء: الأطهار، وحقق هذا اللفظ من كلام العرب قول الأعشى: