للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع: التعليل الأول فيه نظر لا يخفى، بل الثاني هو الصحيح فتأمل (١).

وقال ابن حجر في شرح الشمائل: إنما نهي عن الترجل إلا غبًا, لأن

إدمانه يشعر بمزيد الإمعان في الزينة والترفه، وذلك إنما يليق بالنساء، وهو ينافي شهامة الرجال اهـ. وقال ابن العربي: موالاته تصنّع، وتركه تدليس، وإغْبَابُهُ سنة. اهـ

وإغبابه أن يفعله يوما ويتركه يوما، ويؤيده ما روى عبد الله بن مغفل، قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الترجل إلا غبًا" رواه أحمد والنسائي، والترمذي، وصححه، وابن حبان. والترجل تسريح الشعر، وفي ترك الترجل أياما نوع من البذاذة التي هي من الإيمان، كما جاء عند أبي داود، وابن ماجه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: ذكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما عنده الدنيا، فقال: "ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان" (٢)، والبذاذة رثاثة الحال.

ولا يعارض حديث الباب ما رواه النسائي بإسناد رجاله رجال الصحيح عن أبي قتادة رضي الله عنه "أنه كانت له جُمَّة ضخمة، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فأمره أن يحسن إليها، وأن يترجل كل يوم". لإمكان الجمع بينهما بأن النهي مخصوص بمن لا يحتاج شعره إلى الترجل كل يوم، أما من يحتاج إلى ذلك كل يوم كأبي قتادة فلا يشمله النهي، وكذا لا يعارضه حديث أنس رضي الله عنه الذي أورده الترمذي في الشمائل: "كان - صلى الله عليه وسلم - يكثر تسريح لحيته"؛ لأن إكثار التسريح لا يستلزم الفعل كل يوم. بل لو فعله يوما وتركه يوما يعد مكثرًا.


(١) ووجه النظر أن تعليله بتساقط شعر اللحية موجود فيما كان في يومين فأكثر، فالتعليل به غير
صحيح.
(٢) حديث صحيح. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني. ج ١ ص ٦٠١.