قال الجامع عفا الله عنه: وفيما قاله نظر، بل الصواب العمل بمقتضى الحديث فيقدم غسل اليدين.
قال الحافظ: ولم يقع في شيء من طرق هذا الحديث التنصيص على مسح الرأس في هذا الوضوء، وتمسك به المالكية لقولهم: إن وضوء الغسل لا يمسح فيه الرأس، بل يكتفى عنه بغسله.
قال الجامع عفا الله عنه: وهو الراجح الذي عليه مذهب النسائي حيث ترجم عليه في ٤٢٢ "باب ترك مسح الرأس في الوضوء من الجنابة" ثم أخرج بسند صحيح حديث عائشة، وابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الغسل من الجنابة؟ فذكر
له صفة الغسل، وفيه "حتى إذا بلغ رأسه لم يمسح، وأفرغ عليه الماء". واستدل بعضهم بقولها:"ثم أتيته بالمنديل فرده" على كراهة التنشيف بعد الغسل.
قال الحافظ: ولا حجة فيه لأنها واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال. اهـ وسيأتي تحقيق المسألة في الباب التالي إن شاء الله.
ومنها: أنه يدل على طهارة الماء المتقاطر من أعضاء الوضوء خلافا لمن غلا من الحنفية فقال بنجاسته.
وقد عقد المصنف رحمه الله لبعض هذه الفوائد أبوابًا، فترجم هنا لغسل الرجلين في غير مكان الاغتسال، وفي الباب التالي لترك المنديل بعد الغسل، وفي ٤٠٨ للاستتار عنوإلاغتسال، وفي ٤١٨ لإزالة الجنب الأذى عنه قبل إفاضة الماء عليه، وفي ٤١٩ لمسح اليد بالأرض بعد غسل الفرج، وفي ٤٢٨ للغسل مرة واحدة.
وقد أخرج هذا الحديث في هذه الأبواب بمغايرة الطرق، كما فعل البخاري في الصحيح، ومدارها على الأعمش، وعند بعض الرواة عنه ما ليس عند الآخر، وقد صرح الأعمش بالتحديث في رواية حفص بن غياث عنه عند البخاري فأمن تدليسه. والله أعلم.