المسألة الخامسة: في البحث عن تأخير غسل الرجلين عن غسل الجسد كله، وأقوال أهل العلم في ذلك:
أحاديث ميمونة رضي الله عنها صريحة في تأخير غسل الرجلين إلى نهاية الاغتسال.
وظاهر أحاديث عائشة رضي الله عنها يخالفها، ففي الأحاديث المتقدمة، وهي أيضا في الصحيحين وغيرهما "توضأ وضوءه للصلاة" فظاهرها أنه قدم غسل الرجلين لكن وقع في رواية لمسلم من طريق أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عنها "ثم يتوضأ وضوءه للصلاة" الحديث وفي آخره "ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه" فصرح بالتأخير.
فيجمع بين هذه الروايات، بأن روايات عائشة رضي الله عنها تحمل على أن المراد بوضوء الصلاة أكثره، وهو ما سوى الرجلين، فتوافق روايات ميمونة رضي الله عنها، أو تحمل على ظاهرها من إتمام الوضوء قبل الغسل في حالة، ويكون قولها في رواية أبي معاوية "ثم غسل رجليه" أي أعاد غسلهما لاحتمال أن يكون المُغْتَسَل غير نظيف، وتحمل روايات تأخير غسل القدمين على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل في مكان يجتمع فيه الماء، أو على أن ذلك كان لإزالة طين ونحوه، ويحتمل أنه أحيانًا كان يتوضأ وضوءًا كاملًا. وأحيانًا يؤخر غسل رجليه.
قال الجامع: أولى الاحتمالات عندي الأول، فيكون معنى قوله:"وضوء للصلاة" ما عدا الرجلين, لأن رواية أبي معاوية صريحة في ذلك، وله شاهد من رواية أبي سلمة عن عائشة عند أبي داود الطيالسي،
وفيه:"فإذا فرغ غسل رجليه" فهذا بعد قوله: "وتوضأ وضوءه للصلاة" صريح في الحمل على أكثر، وقد تقدم البحث عنه في ١٥٦/ ٢٤٧.