الحديث. وقال النووي في الخلاصة: خالف الترمذيَّ الأكثرون، فضعفوا هذا الحديث، قال الحافظ: وتخصيصه الترمذي بذلك دليل على أنه لم ير تصحيحه لغيره، وقد قدمنا ذكر من صححه غير الترمذي، وروى الدراقطني عن علي موقوفا:"اقرؤا القرآن ما لم تصب أحدكم جنابة، فإن أصابته فلا ولا حرفا"، قال الحافظ: وهذا يعضد حديث عبد الله بن سلمة (١).
لكن قال ابن خزيمة: لا حجة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة, لأنه ليس فيه نهي، وإنما هي حكايته فعل، ولم يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما امتنع من ذلك لأجل الجنابة، أفاده في التلخيص. ج ١ ص ١٢٩.
قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي أن حديث الباب ضعيف لأن مداره على عبد الله بن سلمة، وقد حدث به بعد ما تغير، وكبر كما قاله شعبة، وأما المصححون فلم يذكروا مستندا لقولهم وتساهل بعضهم معروف كالترمذي، والحاكم، فإنه صححه، وقال: عبد الله بن سلمة لا مطعن فيه، وهذا هو التساهل، ومن الغريب أن الذهبي وافقه على هذا.
وأما ما قاله العلامة أحمد شاكر في تعليقه للترمذي من أن عبد الله بن سلمة توبع على معنى حديثه هذا عن علي، فارتفعت شبهة الخطأ عن روايته إذا كان سيء الحفظ في كبره كما قالوا، ثم ذكر ما رواه أحمد في مسنده ج ١ ص ١١٠: حدثنا عائذ بن حبيب، حدثني عامر بن السمط، عن أبي الغَريف، قال: أتيَ علي رضي الله عنه بوَضُوء، فمضمض، واستنشنق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، وغسل يديه وذراعيه ثلاثا ثلاثا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(١) في هذا الكلام نظر لأن الموقوف معناه أنه رأي ومذهب له فكيف يكون مذهب الصحابي حجة على إثبات التحريم، وهذا غير مقبول فإن التشريع بالتحليل والتحريم لا يكون إلا بالنص أو الإجماع. فتأمل.