توضأ، ثم قرأ شيئًا من القرآن، ثم قال: هذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا, ولا آية.
فهذا الحديث وإن قال ابن شاكر صحيح جيد إلا أن فيه علة، وقد أشار الدارقطني إليها فذكره في سننه ج ١ ص ١١٨ عن أبي بكر النيسابوري، وإسماعيل بن محمَّد الصفار، عن محمَّد بن عبد الملك
الدقيقي، عن يزيد بن هارون، عن عامر بن السِّمْط، عن أبي الغريف، الهمداني، قال: كنا مع علي في الرحبة، فخرج إلى أقصى الرحبة، فو الله أبَوْلًا أحْدَثَ أمْ غائطًا، ثم جاء، فدعا بكوز من ماء، فغسل
كفيه، ثم قبضهما إليه، ثم قرأ صدرًا من القرآن، ثم قال: اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة، فإن أصابته جنابة فلا ولا حرفا واحدا". قال الدارقطني: هو صحيح عن علي.
وهذا من الدارقطني إشارة إلى تضعيف رفعه، حيث أن من وقفه أرجح ممن رفعه، فإن رافعه هو عائذ بن حبيب، قال عنه في التقريب: صدوق ورمي بالتشيع، والكلام فيه كثير في الميزان وغيره، وقد خالفه فيه يزيد بن هارون المجمع على توثيقه فوقفه على علي وهو الصحيح. كما قاله الدراقطني، ولم ينتبه لهذا ابن شاكر.
والحاصل أن حديث الباب غير صحيح. وعلى تقدير صحته لا يكون حجة في المسألة لأنه حكايته فعل، فإنه - صلى الله عليه وسلم - ترك القراءة حال الجنابة، وما بَيَّن أنه إنما ترك لأجلها، ومثله لا يصلح متمسكا للكراهة، فكيف يستدل به على التحريم.
وحديث علي المرفوع قد عرفت ما فيه من العلة، وأما الموقوف فلا يكون حجة. لأن قول الصحابة لا يكون حجة إلا إذا كان إجماعا، وقد خالفه ابن عباس من الصحابة كما يأتي قريبا، إن شاء الله تعالى.