لا يفارقه حتى يعلمه، وفيه استحباب تنبيه المتبوع لتابعه على الصواب، وإن لم يسأله, وفيه جواز تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوبه، وبوب عليه ابن حبان "الرد على من زعم أن الجنب إذا وقع في البئر فنوى الاغتسال أن ماء البئر ينجس" واستدل به البخاري على طهارة عرق الجنب، لأن بدنه لا ينجس بالجنابة، فكذلك ما تحلب منه، وعلى جواز تصرف الجنب في حوائجه قبل اغتساله. قاله في الفتح. ج ١ ص ٤٦٥.
المسألة الخامسة: في مذاهب العلماء في طهارة المسلم حيا وميتا، وهل الكافر نجس, أم لا؟. قال النووي رحمه الله: هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيا وميتا، فأما الحي فطاهر بإجماع المسلمين حتى الجنين إذا ألقته أمه وعليه رطوبة فرجها، قال بعض أصحابنا: هو طاهر بإجماع المسلمين، قال: ولا يجيء فيه الخلاف المعروف في نجاسة رطوبة الفرج، ولا الخلاف المذكور في كتب أصحابنا في نجاسة ظاهر بيض الدجاج ونحوه، فإن فيه وجهين بناء على رطوبة الفرج. هذا حكم المسلم الحي، وأما الميت ففيه خلاف للعلماء، وللشافعي فيه قولان، الصحيح منهما أنه طاهر، ولهذا غسل، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المسلم لا ينجس"، وذكر البخاري في صحيحه عن ابن عباس تعليقا:"المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا"، هذا حكم المسلم، وأما الكافر فحكمه في الطهارة والنجاسة حكم المسلم، هذا مذهبنا ومذهب الجماهير من السلف والخلف. وأما قول الله عز وجل:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} فالمراد نجاسة الاعتقاد، والاستقذار، وليس المراد أن أعضاءهم نجسة، كنجاسة البول، والغائط ونحوهما، فإذا ثبت طهارة الآدمي مسلما كان أو كافرا فعرقه ولعابه ودمعه طاهرات، سواء كان محدثًا، أو جنبًا، أو حائضًا، أو نفساء، وهذا كله بإجماع المسلمين.
قال الجامع عفا الله عنه: في دعواه الإجماع بالنسبة للكافر نظر، فإن