وعند أبي داود بضمير المفرد في كلها، وعند مسلم:"لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن" والكل صحيح، فأما الإفراد فظاهر، وأما الجمع فلأن المراد بالمرأة جنسها (ولم يجامعوهن في البيوت) أي لم يخالطوهن، ولم يساكنوهن في المحل الواحد، وليس المراد مجامعتهن في الفرج.
(فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي الصحابة، وليس الضمير يعود إلى اليهود، ولمسلم "فسأل أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وذكر الطبري عن السدي أن السائل ثابت بن الدَّحْدَاح، والله أعلم، وأما قول من قال: إن السائل هو عباد بن بشر، وأسيد بن حضير، كما عزاه القرطبي للأكثرين، فغير واضح لأنهما سألا بعد نزول الآية، وقول اليهود اعتراضا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، اللهم إلا أن يقال إنهما سألا مرتين.
فالظاهر أن السائل جماعة من الصحابة، كما تقدم في رواية مسلم، والله أعلم.
(عن ذلك) أي عما يفعله اليهود من إبعاد النساء عنهن كل الإبعاد (فأنزل الله عز وجل) جوابا لهذا السؤال {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} البقرة الآية -٢٢١ - أي الحيض، فالمحيض مصدر ميمي، أي عن حكم الاستمتاع بالنساء زمنَ الحيض، وقال النووي رحمه الله: المحيض الأول المراد به الدم، والثاني فاختلف فيه، فمذهبنا أنه الحيض، ونفس الدم، وقال بعض العلماء: هو الفرج، وقال الآخرون: هو زمن الحيض. اهـ شرح مسلم جـ ٣ ص ٢١١.
(قل هو أذى) أي المحيض -يعني الدم السائل- لا بمعنى السيلان: قذر، ففيه استخدام، والأذى ما يتأذى به الإنسان، وكان دم الحيض أذى لقبح لونه، ورائحته، ونجاسته، وإضراره، والتنكير فيه للقلة،