وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: ومعلوم عند جميع أهل المغازي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُصلّ منذ افترضت عليه الصلاة إلا بوضوء، ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند، قال: وفي قوله في هذا الحديث آية التيمم إشارة إلى أن الذي طرأ إليهم من العلم حينئذ حكم التيمم، لا حكم الوضوء، قال: والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه مَتْلُوًا بالتنزيل، وقال غيره: يحتمل أن يكون أول آية الوضوء نزل قديما فعملوا به الوضوء، ثم نزل بقيتها، وهو ذكر التيمم في هذه القصة، وإطلاق آية التيمم على هذا من تسمية الكل باسم البعض.
قال الحافظ رحمه الله: لكن رواية عمرو بن الحارث التي أخرجها البخاري في التفسير تدل على أن الآية نزلت جميعا في هذه القصة، فالظاهر هو ما قاله ابن عبد البر (١).
قال الجامع عفا الله عنه: رواية عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن ابن القاسم لفظها:"فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}[المائدة الآية-٦] إلى قوله {تَشْكُرُونَ} " وهي صريحة في أن الآية
نزلت كاملة في وقت واحد في تلك السفرة والله أعلم.
(فأنزل الله عز وجل آية التيمم) قال أبو بكر بن العربي رحمه الله: هذه مُعضلة ما وجدت لدائها من دواء, لأنا لا نعلم أي الآيتين عَنَت عائشة رضي الله عنها، وقال ابن بطال: هي آية النساء، أو آية المائدة. وقال القرطبي: هي آية النساء، ووجَّهَهُ بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء وآية النساء لا ذكر فيها للوضوء، فيتجه تخصيصها بآية التيمم، وأورد الواحدي في أسباب النزول هذا الحديث عند ذكر آية النساء أيضا.
قال الحافظ: وخَفيَ على الجميع ما ظهر للبخاري من أن المراد بها آية المائدة بغير تردد، لرواية عمرو بن الحارث، إذ صَرَّحَ فيها بقوله: