ولنا ما روى أبو ذر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإن وجد الماء فليمسه بشرفه، فإن ذلك خير" أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح (١)، فيدخل تحت عمومه محل النزاع.
وقال ابن المنذر في الأوسط: اختلف أهل العلم في التيمم في الحضر لغير المريض، وللمريض لا ماء بحضرته، ولو وصل إلى الماء لَتَوَضَّأ، فقالت طائفة: إذا خاف ذوات الصلاة تيمم وصلى، حكى ابن القاسم عن مالك أنه سئل عمن في القبائل من أطراف الفسطاط، فخشي إن توضأ أن تطلع عليه الشمس قبل أن يبلغ الماء؟ قال: يتيمم، ويصلي، قال: وقد كان مرة من قوله في الحضر: يعيد إذا توضأ.
وسئل الأوزاعي عمن انتبه من نومته وغفلته، وهو جنب فأشفق إن اغتسل وتوضأ طلعت الشمس أو غابت، قال: يتيمم، ويصلي الصلاة قبل فوات وقتها، قال الوليد: فذكرت ذلك لإبراهيم بن محمَّد الفزاري، فأخبرني عن سفيان أنه قال: يتيمم ويصلي، قال الوليد: فذكرت ذلك لمالك، وابن أبي ذئب، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم فقالوا: بل يغتسل، وإن طلعت عليه الشمس، لقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[النساء الآية ٤٣] الآية، فهذا واجد للماء، وكان في عذر من نومه، وغفلته، ونسيانه معذور بها، وحكى الوليد ذلك عن الليث.
وكان الحسن يقول في مريض بحضرته ماء، وحضرت الصلاة، وليس عنده من يناوله، وخشي فوت الوقت، قال: يتيمم ويصلي، وقال الوليد: ولا أعلم إلا أني سمعت أبا عمرو يقول: إذا لم يجد المقيم