للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن دقيق العيد: والجواب عما قال: أن الحديث دل على بطلان هذا القياس الخاص، ولا يلزم من بطلان الخاص بطلان العام، والقائسون لا يعتقدون صحة كل قياس، ثم في هذا القياس شيء آخر، وهو أن الأصل -الذي هو الوضوء- قد أُلغي فيه مساواة البدل له، فإن التيمم لا يعم جميع أعضاء الوضوء,. فصار مساواة البدل للأصل مُلْغى في محل النص، وذلك لا يقتضي المساواة في الفرع.

بل لقائل أن يقول: قد يكون الحديث دليلا على صحة أصل القياس، فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما كان يكفيك كذا وكذا" يدل على أنه لو فعله لكفاه، وذلك دليل على صحة قولنا: لو كان فعله لكان مصيبا, ولو كان فعله لكان قائسا للتيمم للجنابة على التيمم للوضوء على تقدير أن

يكون اللمس المذكور في الآية ليس هو الجماع, لأنه لو كان عند عمار هو الجماعَ لكان حكم التيمم مُبَيَّنا في الآية، فلم يكن يحتاج إلى أن يتمرغ، فإذن فعله ذلك يتضمن اعتقادَ كونه ليس عاملا بالنص، بل بالقياس، وحكمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يكفيه التيمم على الصورة المذكورة، مع ما بينا من كونه لو فعل ذلك لفعله بالقياس عنده لا بالنص. اهـ (١)

وكتب العلامة الصنعاني رحمه الله على قوله: "فإذن فعله ذلك الخ" ما نصه: أقول: تمرغه قد يتضمن أنه فعله اعتمادا على القياس، إذ لو عمل بالنص لما جاوز أعضاء التيمم, لأن النص قد بين كمية الأعضاء التي تطهير بالتراب في جنابة ووضوء، فلما تمرغ دل على أنه قاس الجنابة على الحدث الأصغر في أنه يرفعها التراب كما يرفعه، وإلحاق التراب بالماء في عموم البدل، فأقر - صلى الله عليه وسلم - القياس الأول ونفى الثاني.


(١) إحكام الأحكام جـ ١ ص ٤٣١ - ٤٣٢.