تعديل رجل، فلا يقول: عدل ولا غير عدل، فأبي، وقال: لا أبطل حقا من الحقوق. وقال حنبل بن إسحاق: وأمر المأمون إسحاق بن إبراهيم الطاهري أن يدعو عفّان إلى القول بخلق القرآن، فإن لم يجب فاقطع عنه رزقه، وهو خمسمائة درهم في الشهر (١)، فاستدعاه، فقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: آية ١]، حتى ختمها، فقال: مخلوق هذا؟ قال: يا شيخ إن أمير المؤمنين يقول: إن لم يجب اقطع رزقه،
فقال:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}[الذاريات: آية ٢٢]، وخرج ولم يجب. وقال الحسين بن حيان: سألت أبا زكرياء: إذا اختلف أبو الوليد، وعفان في حديث حماد بن سلمة، فالقول قول من؟ قال: عفان، قلت: وفي حديث شعبة؟ قال: القول قول عفان، قلت: وفي كل شيء؟ قال: نعم عفان أثبت وأكيس، وأبو الوليد ثبت ثقة، قلت: فأبو نعيم؟ قال: عفان أثبت. وقال المُفَضَّل الغَلابي: ذكر له -يعني لابن معين- عفان، وثبته، فقال: قد أخذت عليه الخطأ في غير حديث، وقال عمر بن أحمد الجوهري، عن جعفر بن محمَّد الصائغ: اجتمع علي بن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، وعفان، فقال عفان: ثلاثة يضعفون في ثلاثة: علي بن المديني في حماد بن زيد، وأحمد بن حنبل في إبراهيم بن سعد، وأبو بكر بن أبي شيبة في شريك، قال علي: ورابعهم معهم، قال عفان: ومن ذاك؟ قال: عفان في شعبة. قال عمر بن أحمد: وكل هؤلاء أقوياء ليس فيهم ضعيف، ولكن قال هذا على وجه المزاح. وقال إسحاق بن الحسن عن أحمد بن حنبل: ما رأيت الألفاظ في كتاب أحد من أصحاب
(١) وروي أن عطاءه كان ألف درهم، فلما رجع إلى داره عذله نساؤه، ومن في داره، وكان في داره نحو أربعين إنسانًا، فدقَّ عليه داقّ الباب، فدخل عليه رجل شبيه بسمان، أو زيات، ومعه كيس فيه ألف درهم، فقال: يا أبا عثمان ثبتك الله كما ثبت الدين، وهذا في كل شهر. ذكر هذه الحكاية في تهذيب الكمال جـ ٢٠ ص ١٦٦. ونقلته ببعض تصرف.