للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وغَفَلَ الداودي الشارح غَفْلَةً عظيمةً، فقال: قوله: "لم يُعْطهُنَّ أحد" يعني لم تجتمع لأحد قبله, لأن نوحا بعث إلى كافة الناس، وأما الأربع فلم يعط أحد واحدةً منهن، وكأنه نظر في أول الحديث، وغفل عن آخره, لأنه نص - صلى الله عليه وسلم - على خصوصيته بهذه أيضا، لقوله: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة .. " وفي رواية مسلم: "وكان كل نبي .. الخ" (١).

ثم فَصَّل ما أجمله من الخصال الخمس، فذكر الخصلة الأولى بقوله: (نُصرتُ بالرُّعْب) بالبناء للمفعول، يعني أن الله تعالى نصره بقذف الرعب في قلوب أعدائه، ففي رواية أحمد من حديث أبي أمامة "يقْذَفُ في قلوب أعدائي".

والرعب: بضم الراء وسكون العين المهملتين: الخوف، وقرأ ابن عامر والكسائي بضم العين، والباقون بسكونها، يقال: رَعَبْتُ الرجلَ أرْعَبُهُ رُعْبًا: أي ملأته خوفًا، ولا يقال: أرْعَبْتُهُ، كذا ذكره أبو المعالي، وحكي عن ابن طلحة: أرْعَبْتُهُ، وَرَعَبْتُهُ، فهو مُرْعَبٌ، وفي المُحْكَم: فهو رَعيبٌ، وَرَعَّبْتُهُ تَرْعيبًا، وتَرْعابًا فَرُعبَ، وفي الجامع للقَزَّاز: رَعَبْتهُ، فأنا رَاعبٌ، ويقال: رُعِبَ، فهو مرْعوب، والاسم الرُّعْبُ -بالضم-، وفي الموعب لابن التياني: رجل رَعْب ومُرْتَعب، وقد رَعَبَ، ورُعبَ (٢).

وقال السندي رحمه الله: "نُصرتُ بالرعب": أي بقذفه من الله تعالى في قلوب الأعداء بلا أسباب ظاهرة، وآلات عادية له، بل بضدها، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كثيرا ما يربط الحجر ببطنه من الجوع، ولا يوقَدُ النار في بيوته، ومع هذا الحال كان الكفرة مع ما عندهم من المتاع، والآلات،


(١) فتح جـ ١ ص ٥٢١.
(٢) عمدة القاري جـ ٤ ص ٩.