للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بل على سبيل التنويه بقدرة الله، وعظيم كرمه إذ أعطى لمن كان في ذلك السن ما لم يُعطِهِ أحدًا قبله ممن هو أسن منه.

وقد وقع من موسى من العناية بهذه الأمة من أمر الصلاة ما لم يقع لغيره، ووقعت الإشارة إلى ذلك في حديث أبي هريرة عند الطبري والبزار، قال - صلى الله عليه وسلم -: "كان موسى أشدهم عَلَيَّ حين مررت به، وخَيرَهم لي حين رَجعتُ إليه"، وفي حديث أبي سعيد: "فأقبلت راجعًا، فمررت بموسى، ونعم الصاحب كان لكم، فسألني: كم فرض عليك ربك؟ " الحديث.

وقال ابن أبي جمرة: إن الله جعل الرحمة في قلوب الأنبياء أكثر مما في قلوب غيرهم، لذلك بَكَى رحمةً لأمته. وأما قوله: "هذا الغلام" فأشار إلى صغر سنه بالنسبة إليه.

وقال الخطابي: العرب تسمي الرجل المُسْتَجْمِعَ السن غلامًا ما دامت فيه بَقِيَّةٌ من الْقُوَّةِ. اهـ.

وقال الحافظ: ويظهر لي أن موسى عليه السلام أشار إلى ما أنعم الله به على نبينا عليهما الصلاة والسلام من استمرار القوة في الكهولة، وإلى أن دخل في سن الشيخوخة، ولم يدخل على بدنه هَرَم، ولا اعتَرَى قوته نقص، حتى إن الناس في قدومه المدينة -كما في حديث أنس عند البخاري- لمّا رأوه مردفًا أبا بكر أطلقوا عليه اسم الشاب، وعلى أبي بكر اسم الشيخ مع كونه في العمر أسن من أبي بكر. والله أعلم. اهـ. "فتح" جـ ٧ ص ٢٥٢.