(يغفر) بالبناء للفاعل، والفاعل هو الله، أو للمفعول، وهو معطوف على ما قبله بتقدير حرف مصدريّ، أي أن يغفر، وحَذْفُ الحرف المصدري مع رفع الفعل جائز؛ كما في قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ}[الروم: ٢٤] الآية، وقولهم "تسمعُ بالمعيدي خير من أن تراه" برفع تسمعُ وأما بنصبه فشاذّ؛ كما قال ابن مالك بعد ذكر مواضع حذف "أن" المصدرية قياسًا: ما نصه:
وَشَذَّ حَذْفُ أنْ ونصْبٌ في سِوى … ما مَرَّ فاقْبَلْ مِنْه مَا عَدْلٌ رَوَى
وخالف في ذلك الكوفيون فجعلوه قياسًا مع النصب. وجعل بعضهم الحذف مع الرفع شاذًا أيضا. انظر "حاشية الخضري على ابن عقيل" جـ ٢ ص ١١٩.
قال الجامع: الراجح كون الحذف مع الرفع قياسيًا، لأن تخريج الآية على الوجه الشاذ غير صحيح، فتبصر. والله أعلم.
والتقدير هنا: والغفران (لمن مات من أمته) - صلى الله عليه وسلم - (لا يشرك بالله شيئًا) نكَّر شيئًا إشارةً إلى أن الشرك لا يغفر قليله وكثيره (المُقحِمَاتُ) بصيغة اسم الفاعل، والنصبِ مفعولًا ليغفر، أو بالرفع نائب فاعل له.
ومعنى المُقحمَات: الذنوبُ العِظام التيُ تُقحمُ أصحابها النارَ، أي تدخلهم وتلقيهم فيها.
قال النووي رحمه الله: المُقْحِمَاتُ: بضم الميم وإسكان القاف، وكسر الحاء؛ ومعناها الذنوب العظام الكبائر التي تُهلك أصحابها، وتوردهم النار، وتُقحمهم إياها، والتَّقَحُّمُ: الوقوع في المهالك.