للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فمن فَهِمَ من الكفر ها هنا الكفَر الحقيقي جَعَلَ هذا الحديث كأنه تفسير لقوله عليه الصلاة والسلام: "كفر بعد إيمان"، ومن فَهِمَ ها هنا التغليظ والتوبيخ، أي إن أفعاله أفعال كافر، وإنه في صورة كافر، كما قال: "لا يزني الزاني حين يزني، وهو مؤمن، ولا يسرِق السارقُ حين يسرق، وهو مؤمن". متفق عليه، لم يَرَ قتله كفرًا.

وأما من قال: يُقْتَلُ حدًا فضعيف، ولا مستند له إلا قياس شبْهُ ضعيف إن أمكن، وهو تشبيه الصلاة بالقتل في كون الصلاة رأَسَ المأمورات، والقتلِ رأسَ المنهيات.

وعلى الجملة فاسم الكفر إنما ينطلق بالحقيقة على التكذيب، وتارك الصلاة معلوم أنه ليس بمكذب إلا أن يتركها مُعْتَقدًا لتركها هكذا، فنحن إذن بين أحد أمرين: إما إن أردنا أن نفهم من الحَديث الكفر الحقيقي، يجب علينا أن نتأول أنه أراد عليه الصلاة والسلام مَنْ تَركَ الصلاةَ معتقدًا لتركها فقد كفر، وإما أن يُحْمَل اسم الكفر على غير موضوعه الأول، وذلك على أحد المعنيين: إما على أنَّ حكمه حكم الكافر، أعني في القتل وسائر أحكام الكفار، وإن لم يكن مكذبًا، وإما على أن أفعاله أفعال كافر على جهة التغليظ والردع له، أي أن فاعل هذا يشبه الكافر في الأفعال، إذا كان الكافر لا يصلي، كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن".

وحمله على أن حكمه حكم الكافر في جميع أحكامه لا يجب