للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخلاف، ثم صرفه الله إلى الكعبة (١).

قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله: وهذا أصح القولين عندي، ثم أخرج بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "كان أول ما نسخ الله من القرآن القبلة، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة -وكان أكثر أهلها اليهود- أمره الله تعالى أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر شهرًا"، وكان عليه السلام يحب قبلة إبراهيم، وكان يدعو الله، وينظر إليها، فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} إلى قوله: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ

شَطْرَهُ} يعني نحوه، فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما وَلاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وقال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}.

قال ابن عباس: ليميز أهل اليقين من أهل الشك والريبة، وقال تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} يعني تحويلها على أهل الشك، لا على الخاشعين، يعني المصدقين بما أنزل الله.

ثم أخرج بسنده أيضًا عن أبي العالية في قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} يعلمون أن الكعبة المسجد الحرام


(١) تفسير القرطبي جـ ٢ ص ١٥٠.