كانت قبلة إبراهيم والأنبياء عليهم السلام، ولكنهم تركوها عمدًا، وقوله:{وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} يكتمون صفة محمد عليه السلام، ويكتمون أن الكعبة البيت الحرام، ثم قال لنبيه عليه السلام {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} يقول: لا تكن في شك يا محمد أن الكعبة قبلتك، وكانت قبلة الأنبياء قبلك.
ثم أخرج عن أبي العالية أن موسى عليه السلام كان يصلي عند الصخرة، ويستقبل الكعبة، والصخرة بين يديه، وعن أبي العالية، قال: صليت في مسجد صالح، وقبلته الكعبة، وعنه أنه رَأى مسجد ذي القرنين، وقبلته الكعبة. اهـ. كلام ابن عبد البر بنوع اختصار من "الاستذكار" جـ ٢ ص ٣٢، ٣٣.
المسألة السابعة: قال العلامة القرطبي رحمه الله تعالى في هذه الآية -يعني آية نسخ القبلة- دليل واضح على أن في أحكام الله تعالى وكتابه ناسخًا ومنسوخًا، وأجمعت عليه الأمة، إلا من شَذَّ. وقال في موضع آخر: أنكرت طوائف من المنتمين للإسلام المتأخرين جوازه، وهم محجوجون بإجماع السلف السابق على وقوعه في الشريعة، وأنكرته أيضًا طوائف من اليهود، وهم محجوجون بما جاء في توراتهم بزعمهم أن الله تعالى قال لنوح عليه السلام عند خروجه من السفينة: إني قد جعلت كل دابة مَأكَلًا لك ولذريتك، وأطلقت ذلك لكم كنبات العُشْب، ما خلا الدمَ، فلا تأكلوه، ثم قد حَرَّم على موسى وعلى بني إسرائيل كثيرًا من الحيوان، وبما كان آدم عليه السلام يزوج الأخ من