للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأخت، وقد حَرَّمَ اللهُ ذلك على موسى عليه السلام وعلى غيره، وبأن إبراهيم الخليل أمِرَ بذبح ابنه، ثم قال له: لا تذبحه، وبأن موسى عليه السلام أمر بني إسرائيل أن يقتلوا مَنْ عَبَدَ منهم العِجْلَ، ثم أمرهم برفع السيف عنهم، وبأن نبوته غير مُتَعَبَّدٍ بها قبل بعثه، ثم تُعُبِّد بها بعد ذلك، إلى غير ذلك، وليس هذا من باب البداء، بل هو نقل العباد من عبادة إلى عبادة، وحُكْمٍ إلى حكم، لِضَرْب من المصلحة، إظهارًا لحكمته، وكمال مملكته، ولا خلاف بين العقلاء أن شرائع الأنبياء قُصِدَ بها مصالح الخلق الدينية والدنيوية، وإنما كان يلزم البداء لو لم يكن عالمًا بمآل الأمور، وأما العالِمُ بذلك فإنما تتبدل خطاباته بحسب تبدل

المصالح، كالطبيب المراعي أحوال العليل، فراعى ذلك في خليقته بمشيئته وإرادته، لا إله إلا هو، فخطابه يتبدل، وعلمه وإرادته لا تتغير، فإن ذلك محال في جهة الله تعالى (١).

وقال القرطبي أيضًا: وأجمع العلماء على أن القبلة أول ما نسخ من القرآن، وأنها نسخت مرتين على أحد القولين المذكورين في المسألة قبلُ (٢). والله تعالى أعلم.


(١) تفسير القرطبي جـ ٢ ص ٦٣ - ٦٤.
(٢) المصدر نفسه جـ ٢ ص ١٥١.